يبحثون للسعودية عن ربيع

ارى ان حقيقة رفض السعودية غير المسبوق لمقعد مجلس الأمن لا يتصل فقط بإيقاف او تأجيل ادراة اوباما للعمل العسكري ضد نظام بشار الاسد في سوريا فحسب ولكنه يوصف بأنه الخطوة الاولى باتجاه تراجع في العلاقة بين اكبر ديمقراطية ترفع شعار الحرية والسعودية كأكبر ملكية نفطية ديكتاتورية تصدر افكارا مسمومة تعادي الحريات وحقوق الانسان وتدعم الجماعات الدينية والمتطرفة والإرهابية كما يقول روبرت فيسك .
لقد شهد ماضي العلاقات السعودية الامريكية تعثرا ملموسا اذ حصل الحظر النفطي العربي عام 1973 اعقاب حرب ، ورفضت الولايات المتحدة بيع أسلحة إلى السعودية في الثمانينيات من القرن الماضي بسبب الاعتراضات الإسرائيلية ، ودور الخاطفين السعوديين في تفجيرات 11/9 ، والدعم الامريكي لإسرائيل الذي كان يغضب دائما السعوديين الا ان الفجوة اليوم اعقد من الامس .
يقول المفكر اليهودي اليساري ناعوم تشومسكي في معرض حديثه عن الربيع العربي وسياسات الولايات المتحدة : ان امريكا لا تبحث عن الديمقراطية خارجيا بل مصالحها فقط لأنها هي من يدعم الانظمة الديكتاتورية في العالم العربي وهي تخشى نتائج الربيع العربي وتعمل على استثماره لصالحها والاستفادة .
لقد اختلف الزمان والمكان اليوم اذ يقول مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني كريس دايل مقالا في صحيفة التلغراف : " أن "التحالف بين أقوى ديمقراطية في العالم والثيوقراطية الإقطاعية يبدو اليوم غير قابل للتصديق " والسبب بوجهة نظري ان ادارة بوش الاب والابن كانتا تتصلان بعلاقات نفطية ومالية شخصية ضخمة مع اسرة ال سعود مما كان يجعلها تعيش في حالة حب وانسجام وغزل إلا أن مجموعة من التعقيدات اخذت تعصف بالعلاقات بعد ان كانت السعودية تحرص على سياسة الإبقاء بشكل صارم على أي خلافات خلف الأبواب المغلقة لتصبح الفجوة متسعة بين الحليفين بسبب تغير الظروف ، منها التقارب الامريكي لإيران التي تمسك بأوراق اقوى في لعبة الممانعة والربيع العربي ونجاحها في ترتيب منظومة الشرق الاوسط الامنية ، ودعم السعودية لإعمال عسكرية في المنطقة بينما تنتهج ادارة اوباما سياسات البعد عن الحروب ، والتدخل السعودي في البحرين ، وانتهاكات السعودية لحقوق الإنسان والحريات العامة وفي معاملة النساء ، ودعم السعودية للتطرف الديني والفكر التكفيري ، وتراجع الاعتماد الامريكي على النفط ، والخلاف في الموقفين على سوريا ومصر . ان الحاجة السعودية اليوم في اشدها للغطاء الامني الامريكي وليس العكس ، وان تلويح السعودية بالذهاب الى خيارات اخرى في شراء السلاح لن تجدي نفعا الامر الذي ينبئ بان خلف الاكمة ما خلفها ، نعم لقد ساهمت السعودية في دعمها المتواصل في صناعة وتأجيج الربيع العربي ووصول سوريا المطلوب لهذه النقطة المطلوبة بين المحتربين ، ولكن شكرا لقد سقطت سوريا ، ولكن خوفنا ان ما يجري في الظلام هو التحضير السريع لربيع سعودي صاخب اقوى من ربيع سوريا ، خيب الله مخططاتهم .