زمزم المبادرة شرخٌ وانشقاق ام توسعٌ وامتداد؟

قبل ايام سعدتُ بحضور ندوة( تلفزيونية ) ، دارت محاورها حول مبادرة زمزم وقد جمعت الندوة بين اثنين من عمالقة الفكر والسياسة على الساحة الاردنية كل من الدكتور بسام العموش والدكتور نبيل الكوفحي ودار النقاش حول مبادرة زمزم ماهيتها ... وتوصيفها القانوني والسياسي واهدافها المعلنة وغير المعلنة .
لفت انتباهي تلك التساؤلات المركزة والمشروعة والهادفة التي طرحها الدكتور العموش .. هل (زمزم).. المبادرة حركة اصلاحية ؟ ام مركز دراسات ؟ ... مجموعة فلاسفة؟ ام حزب سياسي ؟ وقد امتازت اجابات الدكتور الكوفحي على تلك التساؤلات بالديبلوماسة الواضحة ومحاولة الاحتفاظ بخط الرجعة عندما قال ان الاجابة ... جميع ما ذكر صحيح !.
لا شك ان الحركة الاسلامية في الاردن هي امتداد طبيعي للتنظيم العالمي المعروف بجماعة الاخوان المسلمين وهذا لا يضيرها بطبيعة الحال كحركة دينية اجتماعية دعوية وجدت على الساحة الاردنية منذ استقلال المملكة الاردنية الهاشمية ومارست العمل السياسي بداية من خلال الجماعة واذرعها الاعلامية والتنظيمية وذلك على اعتبار ان العمل السياسي من حيث الاصل هو جزء من العمل الاجتماعي حيث انه لا يمكن الفصل بسهولة بين اي مجتمع انساني وبين السياسة باسسها وابجدياتها الاولية .
لقد واكبت الحركة الاسلامية تطور المجتمع الاردني والدولة الاردنية وتطور العمل السياسي في الاردن وهذا امر يحسب لها لا عليها وتلك ايجابية ميزتها عن الكثير من الحركات الدينية فاستطاعت الصمود والبقاء في الساحة السياسية على العكس من بعض الحركات والجماعات الاخرى التي ارتقت مرتقا صعبا نحو التطرف والابتعاد عن المجتمع والتقوقع على نفسها وهنا لا بد ان نعطي كل ذي حق حقه فنقول ان المجتمع الاردني والدولة الاردنية والقيادة الهاشمية ايضا كان لها دورا واضحاً فيما وصلت اليه الحركة الاسلامية في الاردن من تطور .
من الواضح ان جمعية المركز الاسلامي الخيرية المعروفة كانت امتداداً لجماعة الاخوان المسلمين وذراعاً اجتماعياً لها ومن الواضح ايضا ان حزب جبهة العمل الاسلامي منذ تاسيسه شكل تطوراً وامتداداً وذراعا سياسياً لجماعة الاخوان المسلمين في الاردن ولم تشكل تلك الجمعية ولا ذاك الحزب انشقاقاً في صفوف الجماعة وهذا ما اثبتته الايام .. فهل ستبدي لنا الايام ان مبادرة زمزم ما هي الا امتداد وذراع اخرى لجماعة الاخوان المسلمين في الاردن وليست انشقاق او شرخ في جدار الجماعة ؟ سؤال يطرح نفسه ..
اعتقد ان( زمزم ) ... مبادرات وليست مبادرة ... واعتقد ان من ضمن هذه المبادرات ان لم يكن اولها ... ما يتعلق بقانون الانتخاب المأمول ... واعتقد ان جماعة الاخوان كما هي السلطة الرسمية في الاردن على معرفة ودراية تامة بوجود حفرة انهدام آخذة بالتعمق والاتساع بين النظام الرسمي في الاردن وبعض الحركات والاحزاب السياسية ومن ضمنها لا بل على راسها جماعة الاخوان وان النظام الرسمي في الاردن وكذلك بعض الاحزاب السياسية بما فيها جبهة العمل اصبحت تعي وتعرف ما يشكله هذا( الجرف ) الانهدامي من خطر سواء على المجتمع الاردني او النظام السياسي وبالتالي على الدولة الاردنية.
اعضاء جبهة العمل الاسلامي وكذلك القائمين على (زمزم) ... شخصيات سياسية من الطراز الاول واعتقد ان جلهم ان لم يكن جميعهم يعرف ان الحركة الاسلامية قامت على فكر جمعي وحدوي واستبعد – متفائلاً- ان تكون تلك المبادرة خرجت من رحم الاخوان من منطلق ... شرقية وغربية او صقور وحمائم ... فهم يعرفون وجلهم من المخضرمين والمناضلبن والمفكرين والمطلعين على ادبيات الحركة الاسلامية ويعرفون ان الساحة الاردنية لم تعد تحتمل المزيد من التشرذم والمزيد من الاحزاب والتيارات السياسية .
نأمل ان تكون (زمزم) المبادرة .. هي القنطرة التي وضعت في مكانها الصحيح ليعبر عليها ذهابا واياباً المخلصون من ابناء هذا الوطن الغالي سواء من رجال الدولة او المعارضين للتوصل الى توافق واتفاق حول قوانين واعراف ناظمة للعمل السياسي طالما انتظرها الاردنيون من شتى الاصول على احر من الجمر .

صالح ابراهيم القلاب