الإشاعات التي مسّت الملكة

أخبار البلد - ماهر ابو طير

 

تحدثت الملكة الى قناة العربية،والمقابلة كانت على جزأين،والعربية كانت تبث مقطعاً قصيراً منذ ايام من مقابلة الملكة للترويج للمقابلة تقول فيه الملكة ان هناك اشاعات مسّت نزاهتها.
دلالة ذاك المقطع الذي بثته العربية والذي تتحدث فيه الملكة عما لحقها من اساءات،كما دلالة المقابلة ايضاً،وهي دلالة لافتة للانتباه.
هذه اول مرة تخرج فيها الملكة لتتناول مباشرة،الاشاعات التي تم تسييلها بوسائل كثيرة،خلال اعوام الربيع العربي الثلاثة التي شهدنا فيها كل شيء.
من ابرز مساوئ الربيع العربي انه فتح المجال لصناعة الاكاذيب والاشاعات،وتصفية الحسابات،والمؤسف ان الانطباعات التي تمت صناعتها بوسائل كثيرة هي التي راجت،بين الناس،والمؤلم ان الانطباع المصنوع يصير اقوى من الحقيقة.
كان صعباً على كثيرين ان يخرجوا ليردّوا او ُيوضّحوا،لان السياق يريد استدراج كثيرين الى لعبة الدفاع عن النفس،كما ان الذهنية العربية عموماً تميل الى تصديق السلبيات،دون تدقيق في صحتها،او البحث عن أدلتها.
مناخات الشتم وصناعة الاشاعة،في العالم العربي،لم تكن دليل عافية،بقدر كونها حالة تُعبر ايضاً عن غياب ادبيات النقد السياسي من جهة،وغياب القدرة على الفصل بين المعلومة والاشاعة.
كثيرا ما نلاحظ ان سند المعلومات في أي جلسة اجتماعية او حوار سياسي قائم على تعبير يقول «سمعنا» او»علمنا» ولايقول لك احد أين دليله وماهي صدقية الذي سمعه أساساً؟!.
المثير هنا ان كل فرد في الاردن لديه مصادر حساسة ومطلعة،والكل لديه قنوات اتصال،والكل مُطل على الارشيف السري للدولة،والكل قادر على اختراق كل الحصانات والبطانات والاطلالة على المعلومات،وهذا أمر غير منطقي ابداً.
نسب اي معلومة مفبركة الى شخص نافذ مُطل،مجهول الاسم والهوية،عادة،يكون وسيلة لسحب الغموض على هذا المصدر،واحاطة المُدعي بالمعلومة بهالة من «الصدقية الزائفة» طبعاً.
الذين في مواقع حساسة،في دول قامت اساساً على فكرة التسامح والتراحم،وعدم سفك الدم،يعانون الامرّين،لان روح الدولة تأسست على فكرة استيعاب المسيء قبل المحسن،وعدم توظيف السلطة ضد الناس،اولاضطهاد البشر،سواء كانوا يعرفون انهم يكذبون فيما يقولون،او كانوا من اولئك الذين حسنت نواياهم،ويرددون فقط ما يسمعون.
لعل الميزة هنا،ليست جرأة المسيء،بقدر كونها صبر صاحب السلطة،والتمييزات العميقة يجب ان تقرأ الفرق بين الحالين،والنزعة لدى البعض بمس سمعة الحكم عبر تناول افراده،وصولا الى مس ذات الدولة،نهاية بتهيئة الداخل للاشاعات وللتحطيم الكلي.
الارجح ان الملكة لم تتناول هذه الاساءات والاشاعات الا لانها اعتبرت ان التوقيت ملائم جداً للمكاشفة،وعدم إخفاء المرارة،وهي مرارة رأيناها امام اعتقاد كثيرين ان الربيع العربي يسمح للكل بالهجوم على الكل،ويفتح باباً من جهة اخرى،للتطاول او حتى اختبار الصبر،والضغط على المؤسسة بترسيمها بصورة الضعيفة غير القادرة على وقف هذه الاساءات،باعتبارها «معلومات أكيدة وموثقة» ولانها كذلك،تسكت المؤسسة،وتبتلع مرارتها،باعتبارهاً واجهت فضحاً لايمكن نفيه او رده،او الوقوف في وجهه!!.
مرة ثانية:الميزة ليست جرأة المسيء،بقدر كونها صبرالسلطة.