الزُحام على رئاسة مـجـلـس النــواب

أخبار البلد - 

 
الزحام الإنتخابي الذي تشهده أروقة مجلس النواب حالياً يُعدّ زحاماً إنتخابياً وحراكاً غير مسبوق للتنافس على الظفر برئاسة مجلس النواب السابع عشر في دورته العادية والتي ستبدأ في الثالث من تشرين الثاني القادم –أي بعد أسبوع من اليوم- لدرجة وصول عدد الذين ترشّحوا لهذا الموقع ثماني نواب منهم من هو مدعوم من كتل نيابية مًشكّله مُسبقاً أو تم تشكيلها حديثاُ أو إئتلافات نيابية بين الكتل، لكن السؤال المهم الذي يراود الجميع هل هذا الزحام على الموقع يشكّل رغبة بالتغيير للوجوه أم لتغيير نهج رئاسة المجلس أم لتغيير الآليات التي يتم فيها إختيار رئيس المجلس أم لتغيير السياسات التي يعمل بها مجلس النواب أم كنتيجة حتمية للنظام الداخلي الجديد للمجلس والذي يقضي بتشكيل الكتل البرلمانية والتي يجب أن لا تقل نسبة المشاركين فيها عن عشرة بالمائة من المجلس أي بما يزيد عن خمسة عشر نائباً.

الزحام غير المسبوق على رئاسة المجلس النيابي يؤشر إلى تنافسية كبيرة بين السادة النواب وخصوصاُ بعد خلط أوراق العديد من الكتل النيابية بعد تجربتهم الأولى الغضّة في الدورة البرلمانية السابقة، حيث بدأت التوافقية في الرؤى المشتركة بينهم تلوح في الأفق وإن كان أساسها غير مبني على أسس حزبية وغير منظّم أحياناً أخرى، وبنفس الوقت نرجو الله مخلصين أن لا يكون ذلك «فزعةً» فقط لغايات إختيار رئاسة المجلس وبعدها «تفرط» هذه الكتل كما حدث وكان يحصل تاريخياً في المجالس والدورات السابقة، وإلّا فإن الإصلاحات المنشودة في رئاسة وعمل المجلس ستراوح مكانها، وبصراحة أكثر نريد لهذه الكتل أن تجمعها توافقية الرؤى لا توافقية الأشخاص، ولهذا ينعت البعض هذه الكتل بالهلامية إذ بعضها ينهار بين عشية وضحاها.
المهم في هذه المرحلة أن هذا التنافس بين السادة النواب المحترمين لإعادة تشكيل بعض الكتل البرلمانية وبعض الإئتلافات هو ليس محصوراً فقط لغايات رئاسة مجلس النواب بل نأمل أن يتعدّاه إلى إختيار لجان المجلس المتنوّعة والتي تساهم في التشريع والمساءلة والرقابة، بل والأهم من ذلك إلى التأشير إلى هوية الحكومات البرلمانية القادمة والمضي قُدماً في تطوير نهج تشكيلها وفق الرؤى الملكية السامية، لتُشرك كافة القوى السياسية على الساحة الأردنية فيها. وكلّما كانت القواسم المشتركة والتوافق بالرؤى بين أعضاء الكتل البرلمانية كبيراً تكون صدقيّة وديمومة هذه الكتل فعالة أكثر، وبالطبع لا يمكن لذلك أن يكون إلّا بحوارات معمّقة ومكثّفة بين السادة النواب والأهم أن يكون مبني على أسس حزبية.
المؤشرات تلوح بالأفق إلى وجود كتل برلمانية وإئتلافات برلمانية تمثّل تيارات محدودة منها الوسطية والمتمثّلة بالوسط الإسلامي ومنها اليسارية ومنها الوطنية وغيرها وبمسميات عدة كالإصلاح والتغيير والتجمعات الديمقراطية والكتل الوطنية وغيرها، إلّا أنّ هذه التيارات تعكس حقيقة الوجود السياسي على الأرض للعمل الحزبي في الأردن والذي ربما أظهرت نتائج الإنتخابات الماضية «غضاضة» هذه التجربة وأنها ما زالت بحاجة لإعادة ترتيب.

 

الزُحام على رئاسة
مجلس النواب / بقية
كثيرون من السادة النواب يحاولون جاهدين على أن تكون رئاسة المجلس القادم غير تقليدية وفيها خروج عن المألوف والأعراف في آليات إختيار الرئيس القادم، والإئتلافات بين الكتل النيابية وسيناريوهات التكتيكات بين الجولتين الأولى والثانية، وكثيرون من النواب الجدد والذين يمثلون حوالي 60% من المجلس يسعون في محاولة لتغيير نهج إختيار رئيس المجلس القادم ليكون ليس وجهاً تقليدياً أو مُكرراً ليعطى غير المجرّب فرصة على الأقل وليتواءم ذلك مع رؤى سياسة التغيير والإصلاح المنشود، لكن تفاهمات آخر لحظة بين الكتل البرلمانية ربما تُجهض أي سيناريو أو رؤى في هذا الصدد.
مخاض رئاسة مجلس النواب في هذه الدورة العادية ليس يسيراً ولا تقليدياً البتّة وكأن المجلس تم إنتخابه للتو، وندعو الله مخلصين أن تنجح هذه التجربة لأن نتائجها ستنعكس على السلطة التشريعية والمجلس وإدارته ونظامة الداخلي الجديد وآليات عمله وستنعكس أيضاً على أداء السلطة التنفيذية والحكومة، وستضع السادة النواب على المحك من حيث تغليب مصالح الوطن العليا والبُعد عن «الشخصنة» وليكون الوطن أمانة في أعناق الجميع، وأن يكون همّ المترشحين خدمة الوطن والمواطن لا حُبّاً في ظهورهم فقط، فهلّا نجح السادة النواب في الإمتحان الوطني هذا صوب التميّز في المؤسسة التشريعية!