دكانة أبو زهير

دكانة أيوب كانت أعلى الدرج على شارع البارحة، في حين كانت دكانة محسن على الجهة الاخرى على شارع فلسطين بجانبها دكانة سالم، وأبعد منها دكانة ابو هاشم ودكان ابو خيرية، أما دكانة عواد فكانت متوسطة لمجموع دكاكين الحي وسط أربع حارات، أشهرها حارة سمخ، وكانت دكانة ابو السعيد في حارة منها وهي الاكثر قرباً من المستشفى.
اشتهر أيوب ببيع الكاز، اضافة إلى وجود مطحنة قهوة في محله، في حين تميز محسن بالسكاكر واهمها الكعكبان، وسالم بالمكسرات ووجود تلفون بالمحل، وكعنوان تصل اليه رسائل اهل الحي. اما ابو هاشم فقد تميز ببيع الحليب واللبن، اضافة إلى الجرائد، وابو خيرية بصاج الفلافل، وعواد بالسمنة والهرايس والدخان، ليظل ابو السعيد الاكثر اختلافاً؛ كونه يشتري من اهل الحي اكثر مما يبيعهم، وخصوصا الطحين والخبز الجاف.
كل هذه الدكاكين أغلقت أبوابها منذ اكثر من عشرين او ثلاثين عاما، ما عدا دكان ابو السعيد الذي ظل يعمل لسنوات بعدهم، وكان آخر من أغلق، وفي آخر أيامها قبل ان تغلق كان أيوب قد توقف عن بيع الكاز وطحن القهوة لقدم المطحنة التي تعطلت، ولم يجد لها قطع غيار، وما عاد للكعكبان وجود عند محسن، ولا مكسرات عند سالم، وفقد تلفونه اهميته بعد أن صار متاحاً في اكثر البيوت، وتخلى ابو هاشم عن الحليب، ولم يعد يجلب اليه من القرى المجاورة، وابو خيرية توقف عن صنع الفلافل، وعواد لم تسعفه محاولات التحسين فأغلق مصفياً حتى آخر سلعة ممكن بيعها، ووزع ما تبقى مجاناً، في حين استمر ابو السعيد بالشراء ولم يعد لديه ما يبيعه سوى ما يشتريه من الخبز الجاف الذي كان يحوله الى اعلاف لاصحاب الدواب والطحين للمخابز الشعبية الى ان بارت تجارته!
كان الناس يأتون الى تلك الدكاكين في آخر أيامها، ويسألون عن احتياجتهم، فلا يسمعون من اصحابها سوى كلمة «لا يوجد»، فكانوا يردون عليهم «سكروها يا عمي!».
رئيس الوزراء تحدث امس عن الاحوال العامة بعاطفة، وليس بسياسة، وقد أجاب عن الامكانيات بالقول إنه لا يوجد لدينا نفط ولا يوجد كذا وكذا ولا أي شيء، تُرى بماذا يمكن الرد عليه؟!