عثرات واجهت الاقتصاد الوطني وحكومات عاجزة

 

أخبار البلد
لا يختلف اثنان في تشخيص واقع الاقتصاد الوطني بأنه يعيش أزمة متفاقمة مع اتساع حجم المديونية عاماً بعد عام، فيما تقف الحكومات المتعاقبة عاجزة عن كبح جماح ذاك الارتفاع نحو أرقام غير مسبوقة.
وتظهر أحدث بيانات وزارة المالية أن صافي المديونية العامة المترتبة على الأردن بلغ 17.913 مليار دينار حتى نهاية شهر آب الماضي.
مقابل ذلك، لم تنفك الحكومات في السنوات العشر الأخيرة من الحديث عن ضرورة ضبط النفقات، واتباع سياسة "شد الأحزمة على البطون" لخفض المديونية، إلا أن الدين العام الداخلي والخارجي كان يذهب في طريق التوسع؛ مما يؤشر على أن الحكومة تسير في واد مغاير لما تقول حيال تبنيها إجراءات تقشفية.
جنباً إلى جنب المديونية العامة التي تشكل إحدى العثرات أمام النهوض بالاقتصاد، فإن غياب برنامج واضح لبناء اقتصاد إنتاجي بما تحمل الكلمة من معنى، تكون الصناعة بمختلف أشكالها الركيزة الرئيسة، يعتبر عثرة كذلك، فضلاً عن مراوحة الحكومات المتعاقبة مكانها دون اتخاذها خطوات فعلية للاستفادة من مجمل الثروات الطبيعية التي ترخز بها الأرض الأردنية.
وفوق ذلك، لا يعدو الفساد الذي تقر جهات في الدولة بوجوده كونه أحد مقوضات بناء اقتصاد حقيقي، وبخاصة أن منظومة الفساد في طبيعتها تتغذى على مقومات الاقتصاد، وتضرب في صميم بنية المجتمع.
ومثلت خصخصة العديد من مؤسسات القطاع العام، والتحول إلى سياسة السوق الحرة خلال تسعينيات القرن الماضي بشكل تدريجي، بدايةً لرفع الدولة رعايتها الأبوية لأفراد المجتمع إلى أن أضحى المواطن اليوم يعاني من موجات غلاء متواصلة، وتآكل في الدخل أمام تضخم متأرجح بين زيادة ونقصان من سنة لأخرى وفق أرقام رسمية.
ولإخراج الاقتصاد الوطني من أزمته، لا بد للحكومة أن تنتهج سياسات ناجعة وقادرة على استقطاب استثمارات خارجية، وتبسيط الإجراءات أمام المستثمرين عملاً لا قولاً، والبناء على ما هو قائم للتحول نحو الاقتصاد الأخضر الأقل إضراراً بالبيئة وكلفة على الصحة، والأكثر جلباً للسيولة المالية؛ وذلك من خلال فتح المجال أمام إقامة مشاريع في مجال الطاقة المتجددة، عبر استغلال مصادر الطبيعة التي لا تنضب كالرياح والشمس في توليد الطاقة الكهربائية، وبما يسهم في خفض فاتورة المشتقات النفطية الباهظة على الدولة الأردنية.
ولضمان تعافي الاقتصاد الوطني من علاته الشاخصة للعيان، يتحتم على جميع الجهات المعنية -سواء الرسمية أم الأهلية- الدخول في مراجعة شاملة لكافة السياسات الاقتصادية المتبعة في الفترة السابقة، وتغليب إرادة الاعتماد على الذات من مقدرات ومقومات وطنية متاحة، عوضاً عن البقاء رَهْن مساعدات خارجية قد يأتي يوم ما ولا تأتي في ظل أزمة مالية خانقة باتت تعاني منها دول مانحة.