ملاحظات سياسية مبكرة لسيدة أردنية متنورة

في محاضرة لها في شهر تشرين الاول من عام 2008 حول الاصلاح السياسي حذرت السيدة ليلى شرف (بان لا يستعمل الاصلاح لتهدئة الشعوب او لارضاء الرأي العام والوقوع في خطأ تشخيص المرحلة محددة حالة «الابوة» في النسيج الاجتماعي العربي بانها من أخطر هذه المحاذير.

 

وقالت ان الدول التي تتجه نحو الاصلاح السياسي والديمقراطي عليها التنبه الى ان لا تتناقض قوانينها مع دساتيرها مشيرة الى اهمية توازن القوى بين جميع المؤسسات في الدولة).

 

والسيدة ليلى شرف ليست مجرد وزيرة متقاعدة وانما يمكن وصفها بثقة أنها سيدة أردنية مفكرة ذات رؤية متنورة.

 

لا أملك النص الكامل لتلك المحاضرة القيمة ولكنني أجد في العبارات السابقة ما يستوجب التوقف عنده والتمعن فيه مليا وفقد تحدثنا طويلا عن الاصلاح السياسي ولكننا في كل مرة نجد أنفسنا نعود الى المربع الاول أو نراوح في مكاننا ومع أننا نريد الاصلاح السياسي ولكن اذا كان هذا الاصلاح لإرضاء الرأي العام فسيخرج مسلوقا على عجل، ونحن بطبيعتنا مجتمع متعجل وبعد شهر أو اثنين سنبدأ بالسؤال عن نتائج الاصلاح السياسي الذي يعد به رئيس الحكومة وسيكون عمل الرئيس نفسه تحت ضغط الوقت الذي يمر قبل أن يلمس الناس نتائج برنامجه.

 

ربما ستكون فرص الرئيس المكلف في تحقيق أنجاز على صعيد الاصلاح السياسي الاخيرة في مسيرة حياته السياسية واذا لم تنجح حكومته في تحقيق خطوات ملموسة تحظى بالدعم الشعبي فان الثقة العامة بتحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية ستتبخر وستكون خيبة الامل كبيرة، ومن هنا فاننا ننظر بايجابية الى حراك المشاورات الذي يجريه الرئيس المكلف مع فعاليات مختلفة وخاصة ما كان منها خارج المؤسسات الرسمية والدستورية ولعلها المرة الاولى التي يقوم فيها رئيس وزراء مكلف باستطلاع للرأي ومحاورة قطاعات شبابية وحزبية وتجارية قبل الاستقرار على تشكيلة الحكومة .

 

المهمة صعبة بالتأكيد والعناوين المطروحة للإصلاح ذات سقف عال، تبتدئ بالرأي الذي يرى أن إنجاز قانون انتخاب جديد لا يمكن أن يتم في ظل مجلس النواب الحالي وبالتالي فان أطرافا في المعادلة السياسية تطالب بحل المجلس ثم إنجاز القانون فالانتخابات باشراف قضائي، ولا أحد يعرف نقطة الوصول في الاصلاحات مسبقا.

 

ما نخشاه اضطرار الحكومة الى إجراءات وقرارات ذات أصداء شعبية ونتائج غير عملية أو مكلفة، وفي تقديري فإن تجنب ذلك يكون بإعادة بناء الثقة مع القوى السياسية بكافة أطيافها ومؤسسات المجتمع المدني ومواصلة التشاور والحوار الجاد معها ووضعها باستمرار في صورة المستجدات، ومن جانب أخر مخاطبة المواطن بصراحة ومكاشفة وشفافية، والاقتناع بأن لا إصلاح بدون تأييد وقناعة أطراف المعادلة السياسية والاجتماعية .

 

في الجزء الثاني من ملاحظة السيدة ليلى شرف وهي التنبه الى عدم تناقض القوانين مع الدساتير، وهو ما يسمى دسترة القوانين فعلينا الاعتراف أننا بحاجة الى مراجعة أكثر من عشرين قانونا ومئات القرارات الادارية لإعادتها تحت مظلة الدستور، ونحتاج الى إعادة النظر بقانون محكمة العدل العليا بمنحها سلطة الحكم بدستورية القوانين الدائمة، فسلطتها على دستورية القوانين حاليا مقتصرة على القوانين المؤقتة وهذا غير مقنع ويعرقل عملية دسترة القوانين، وقد قلنا سابقا أن العملية المعكوسة وهي أن تقيد النصوص القانونية الحقوق والنصوص الدستورية لا ينبغي أن تستمر وستكون أكبر عائق أمام الاصلاح بكافة تفرعاته.