قراءة في التقارب الأميركي الإيراني


 

من خلال المتابعة لمتغيرات البيئة الاستراتيجية، ستكون هناك تحولات في ميزان القوى ومراكز الثقل الاستراتيجي في منطقة الشرق الاوسط ومنطقة الخليج العربي إذا استمر التقارب الاميركي الايراني والتقاء مصالح الطرفين، مما يتطلب تنسيق مواقف دول الاقليم وكذلك مواقف دول مجلس التعاون الخليج العربي، وتالياّ اهم معطيات هذا التقارب:
إيران:
- هناك صعوبة في التنبؤ في المشهد السياسي الداخلي الايراني حيث الحدود بين اختصاصات الرئيس واختصاصات المرشد الاعلى لا تكون واضحة دائما.
- أعتقد ان هناك 3 أسباب جعلت حسن روحاني ان يبادر الى التقارب وهي: أولا. تعيش ايران ازمة اقتصادية خانقة بسبب العقوبات الاقتصادية وحوالي 85% من الموازنة الايرانية تعتمد على النفط الذي لا تستطيع ايران تصديره بسبب العقوبات. ثانيا. تورط إيران مع حليفتها سوريا في القتال على الاراضي السورية وهذا سبب لها انهاكا وإحراجا اقليميا ودوليا, وحليفتها الاخرى العراق التي تُعاني الآن من تفجيرات وحرب اهلية غير معلنة.ثالثا. وهو سبب استراتيجي حيث تحاول ايران ان يكون لها مكان في جنيف /2 وهذا لا يكون إلاً من خلال مصالحة مع واشنطن ودعم من روسيا.
- إيران لعبت دورا كبيرا في منع الرئيس السوري من استخدام اسلحته الكيماوية، كما لعبت ايضا دورا مؤثرا في المجهود الذي قادته روسيا من أجل تجريد سوريا من اسلحتها الكيماوية.مما خفف الضغط عن الولايات المتحدة الاميركية.
- ايران بهذا التقارب تحاول تجنب ان تضُر ازمة الاسلحة الكيماوية بإيقاف حل محتمل للمواجهة النووية بين طهران والغرب.
- على خط موازي قام حسن روحاني بتخفيف اللهجة العدائية للغرب، وإعطاء مساحة أكبر للحريات والاعتراف بالمحرقة اليهودية.
- إن الاتصالات بين طهران وواشنطن بدأت منذ عام 2006 عندما بعث الرئيس السابق محمود نجادا برسالة مكتوبة من 18 صفحة الى نظيره الاميركي آنذاك جورج يوش وفي عام 2009 ارسل اوباما رسالة الى المرشد الاعلى الايراني.
- أعتقد ان ايران في سباق مع الزمن في ترطيب الاجواء مع الولايات المتحدة، وهذا كان واضحا من خلال تصويت مجلس النواب وبالأغلبية لصالح الانفتاح مع الغرب والولايات المتحدة من أجل تحقيق المصالح الايرانية العليا.وتخفيف العقوبات الاقتصادية التي اصبحت مؤثرة على حياة المواطن الايراني.
- عودة شركات الطيران واستئناف الرحلات الجوية بين واشنطن وطهران مؤشر قوي على ان طهران ستضحي ببعض مصالحها وحلفائها في المنطقة من اجل امن اسرائيل والتوقف عن الاستمرار بنشر مبادئ الثورة الايرانية والتوقف عن تهديد اسرائيل وبعض دول الافليم واعتقد ان هذه التحولات المتسارعة ربما تُقنع الادارة الاميركية بمراجعة العقوبات المفروضة على ايران.
- قام حسن روحاني بتعيين علي شمخاني رئيسا لمجلس الامن القومي الايراني وهو من قادة الحرس الثوري ومن الشخصيات الإصلاحية كما يُعد وجها مقبولاَ على الصعيد الاقليمي، ويمكن ان يكون مهندسا لتحسين العلاقات الايرانية السعودية.
- لم يُشر حسن روحاني حتى ألآن على الاقل الى استعداد ايران للتراجع عن برنامجها النووي، بل قال ان النظام لن يتحدث عن تعليق تخصيب اليورانيوم.
الولايات المتحدة:
- الرئيس الاميركي اوباما بادر الى الاتصال مع الرئيس الايراني حسن روحاني بعد فوزه بالانتخابات الايرانية في شهر حزيران الماضي.
- اوباما عرض على روحاني امكانية تفكيك العقوبات الدولية مقابل تخلي إيران عن تطوير برنامجها النووي.
- أعتقد أنه بدون ليونة ومرونة أكثر من قبل الغرب وأميركا فإن التقارب الاميركي الايراني لن يُفضي الى شيء، وبالمقابل فإن اوباما يمكن ان يُتهم من قبل اسرائيل بالاستسلام امام ايران لكن الجائزة مغرية ألا وهي «عالم أكثر أمنا وأقل انقساما».
- آخر ما قاله اوباما «على الايرانيين الاً يستخلصوا درسا بأننا لن نشن هجوما على ايران إذا لم نشن هجوما على سوريا، وعلى الايرانيين أن يستخلصوا من هذا الدرس امكانية تسوية هذه المسائل دبلوماسيا.
اسرائيل:
- أسوأ ما تتوقعه اسرائيل ان يحدث تفاهم اميركي ايراني على حل سلمي لأزمة الملف النووي الايراني، وأكد بنيامين نتنياهو على ان أي محادثات اميركية ايرانية يجب ان لا تكون على حساب اسرائيل.
- تخشى اسرائيل ان يتوارى الحل العسكري للملف النووي الايراني من خلال الليونة الدبلوماسية الايرانية، ومن خلال إدوار اخرى تقوم بها موسكو.
- المطالب الاسرائيلية تتلخص في: وقف تخصيب اليورانيوم, ازالة كل اليورانيوم من اراضيها، اغلاق مفاعل قُم النووي الموجود تحت الأرض، وقف بناء مفاعل البلوتونيوم.
- اسرائيل تحاول افساد واحتواء اي تطور ايجابي بين واشنطن وطهران، كما أنها تخشى من القوس الاستراتيجي الذي يمتد من طهران الى دمشق وبيروت او ما سبق وصفه ب»الهلال ألشيعي « مع ضم العراق الى هذا القوس.
خلاصة القول ان الولايات المتحدة تُدرك ان هناك تماثلا بين النظام السوري والنظام الايراني، ففي سوريا «النظام هو الجيش والجيش هو النظام فإذا سقط احدهما سيسقط الاخر حتما» ونفس الشيء بالنسبة لإيران لذا فان الادارة الاميركية ستنفذ 3 مراحل من الاستراتيجية وهي: الاحتواء المزدوج، العزل المنفرد وأخيرا الاسقاط المنفرد وفصل الرأس عن الاطراف.