يا دولة الرئيس إحذر فالضغوطات قد تأتي بأشخاص لا يستحقون المناصب

يا دولة الرئيس إحذر فالضغوطات قد تأتي بأشخاص لا يستحقون المناصب

بقلم: د. فريد الخطيب

 

 يتردد على مسامعنا ومن اشخاص مرموقين من ذوي المناصب والشأن " بأننا نحارب المحسوبيات والواسطة ، ولا نتطلع الى الجهوية والعشائرية" ، لكن أفعالهم توحي بغير ذلك ،  فهم يسترضون فلان ويحابون علّان، فتتحكم فيهم الجغرافيا والتاريخ، وهذه كلها معطيات فيها تجنى على الوطن ومقدراته وموهبة شبابه. إن تلك المعطيات ربما في مرحلة من المراحل لا يستطيع المجتمع التخلي عنها لسبب او لآخر، لكن في عصر العولمة والقرية الصغيرة والانفتاح على الاخرين يستدعي اعادة صياغة المعادلة لتلك المعطيات وتطويعها بشكل حضاري ، بحيث تصبح مشتملة على عدد من المعايير الموضوعية ليصبح قوامها يتمثل في المؤهل والخبرة والقدرة والابداع بدلاً عن العشائرية والجهوية، وأساسها الولاء والانتماء للوطن وللالتفاف حول جلالة الملك والعرش الهاشمي. فهذا هو جلالة الملك يعطى لهذا الوطن كل جهده، ويتفاعل بكل ذكاء مع ابناء الوطن، وويوصل الليل بالنهار ليجعل الاردن في مصاف الدول والاردنيين في مقدمة العالم المتحضر، لذا فمن حق جلالته على كل اردني ان يخلص له القول، وان تكون افعاله على قدر طموح جلالته، ومن حق بلدنا علينا ان نفتخر فيه، بقدر حبنا له وبقدر احتضانه لابنائه، فالملك والوطن همهما الانسان الاردني الواعي المنفتح القادر على فهم الاخر واحترام رأيه وانسانيته وتقدير حقوقه وعدم المساس بها. 

 

إن الشعار " وضع الرجل المناسب في المكان المناسب" والذي ندندن به دائماً لم يأخذ طريقة للتطبيق في وزاراتنا ومؤسساتنا إلا بصورة محدودة نسبياً، مع إن هذا تطبيق الشعار هو عمود النجاح في الدولة ومؤسساتها ونظمها السياسية الناضجة.  

 

والله إذا لم نحسن اختياراتنا في الاشخاص الذين يتسنمون المناصب العامة، واذا لم تكن هذه الاختيارات واضحة ومحددة وشفافة فلن تستوي الامور ولن نرتقي، وهذا ما لا يريده أي اردني، وهذا سيبقينا في حيرة واستغراب، وبخاصة حينما نسمع من بعض المستوزرين الذين يرددون في كل صباح ومساء مقولة "لا بدّ من وضع الرجل المناسب في المكان المناسب"، وهم بعيدون كل البعد عن هذا الشعار تراهم عندما يتسلمون المنصب يتنصلون من وعودهم ، كما ان الوظائف الشاغرة تصبح لمعارفهم واقاربهم ويحرم منها أصحاب الحقوق ، وهم يبتعدون عن افكار الابداع ويصمون آذانهم عن سماع آراء متلقي الخدمة في مؤسساتهم، بل وتجدهم يصرون بأن يكونوا محجوبين عن مرؤوسيهم من الموظفين منفذي القرار وعن الجمهور، كما ان كثير منهم يتعالى على زملائه وربما يفكر الف مرة قبل ان يرد السلام على موظفيه، والله إن هؤلاء موجودين في وزاراتنا ومؤسساتنا؟؟.

 

كثير من الناس تعودوا ان يجدوا من يمد اليهم يده ويتبناهم في كثير من المواقع العامة، وهم يعلمون بقرارة انفسهم بأن هناك آخرين يستحقون المساعدة والتبني أكثر منهم، وان تبنيهم من قبل محاسيبهم ومعارفهم والضغوط الاجتماعية فيه خرق كبير لحقوق الاخرين واعتداء عليها جهاراً نهاراً وعياناً.   

 

يعاني الوطن في كثير من الاحيان عدد من الاعتبارات الاجتماعية وضغوطاتها التي يمكن ان يكون لها دورها في التعيين في المراكز القيادية الادارية، فقد تجد مثلاً في احدى المؤسسات العامة مديراً مالياًغير مؤهل لهذا المنصب كونه يحمل مؤهلاً  في الجغرافيا او اللغة العربية ، كما قد تجد مديراً تجارياً في شركة يحمل‏ شهادة الهندسة الكهربائية، وربما قد تجد أميناً عاماً في احدى الوزارات لا يعلم عن شؤون عملة شيئاً، فكل هذه الاختلالات تعيق تحقيق اهداف المؤسسة وعملية الاصلاح والتطوير فيها وتحبط تحقيق‏ خططهها. إن مثل هؤلاء الذي تسللوا بفعل قنوات وضغوطات الواسطة والمحسوبية والقرابة إلى المراكز القيادية والادارية في القطاع العام لايمكن أن يستمروا في مواقعهم مهما كان حجم من يقف خلفهم، وهذا‏ أمر لا نشك مطلقاً في أنه سيحصل لأننا نبني مجتمعا عادلاً قادراً على كشف الغث من السمين ولو بعد حين.‏

نتمنى ان يكون اختيار الوزراء على قدر المسؤولية، وان يتم اختيارهم بموضوعية وفن واقتدار، وفق معايير وطنية دقيقة تراعي وتحفظ الوطن ومقدراته ولا تغتال شخصياته ، فلكل اردني دوره في بناء الوطن والمساهمة بعجلة تطوره. 

كما إنني اناشد كل مواطن منتمي للوطن ومحباً لمليكه الوقوف خلف مسيرة الاصلاح والتطوير التي يقودها جلالة الملك مع الاستمرار في هذا النهج بهدف اعادة التوازن‏ المطلوبة الى القطاعات الحكومية المختلفة وفق أسس علمية واضحة وموضوعية شفافة تسهم في اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب وتثبيت الجديرين في البقاء بمناصبهم التي هم اهلاً لها، وقادرين على تطويرها بجدهم وتعبهم واخلاصهم.     

Fm_k2004@yahoo.com