الإعلام إذ يخطئ في الترويج للمساعدات

يتجاهل المسؤولون في البلاد الحديث عن اجمالي الدين والعبء ‏الإضافي الذي ستتكبده الخزينة عند توقيع اتفاقيات قروض مع ‏مؤسسات عالمية أو صناديق تتبع دولاً بذاتها، في مراسم يتم خلالها تبادل الابتسامات، وكأن ذلك سينعكس إيجابياً على الاقتصاد ككل!
الأغرب أن الإعلام بأنواعه كافة ينساق وراء تلك الأنباء وكأنها ‏حدث إيجابي! متجاهلاً إلى أين ستذهب تلك الأموال، وكم سترتفع ‏خدمة الدين من أقساط ورسوم وفائدة.‏
منذ أكثر من عشر سنوات ساهم الإعلام بشكل غير مباشر في ‏الترويج للمساعدات الخارجية، كان آخرها الاصدار الاردني ‏لليورو بوند المكفول من الحكومة الاميركية بقيمة 1.25 مليار ‏دولار، وآخر متوقع بقيمة 750 مليون دولار العام المقبل.‏
التعقيب الحكومي ومن بعده الإعلامي يصر على أن تلك ‏القروض تعكس صورة ايجابية عن أداء الاقتصاد ومصداقيته في ‏الاسواق الدولية، بينما هو عبء جديد سيدفع ثمنه الأجيال ‏اللاحقة؛ إما على شكل ضرائب أو ارتفاع أسعار.‏
الحكومة قدرت في موازنة 2013 حصولها على قروض بقيمة ‏‏5.4 مليارات دينار؛ إذ من المرجح أن ترتفع خدمة الدين إلى 600 ‏مليون دينار سنوياً بعد أن سجلت في 2012 نحو 560 مليون ‏دينار، وهذه أرقام مخيفة، وبخاصة أن الديون استخدمت في سداد ‏عجز الموازنات والنفقات العامة، ولم تستثمر في مشاريع ‏إنتاجية.‏
يكرر المسؤولون أن حصول الاردن على قروض يأتي كدلالة ‏على مصداقية الاصلاحات الاقتصادية التي بدأت آثارها الايجابية ‏بالظهور؛ من خلال ارتفاع معدلات النمو وتعزيز ثقة المؤسسات ‏المقرضة، وهي بطبيعة الحال ليست إلا تقييداً للاقتصاد، والتزاماً ‏بشروط مؤسسات دولية طالت أسعار المشتقات النفطية ‏والكهرباء والماء، ليستمر الترويج لمزيد من القروض، منها أيضا ‏قرض تنمية السياسات من البنك الدولي بقيمة 250 مليون، ‏وقرض ياباني ميسر بقيمة 120 مليون دولار قبل نهاية العام.‏
الدين العام بدأ بتجاوز ما نسبته 75 في المئة من الناتج المحلي ‏الاجمالي ببلوغه 17 مليار دينار، مقابل معدلات نمو بحدود 3 ‏في المئة، وبطالة مرتفعة، وجيوب فقر تزيد عاماً بعد عام.‏
تلك السياسة التي لطالما اعتمدت على المساعدات الخارجية، ‏وتحديدا القروض، بفوائد تصل أحياناً إلى 3.8 في المئة، وبحد ‏أدنى 2.2 في المئة، ستنفجر في وجوه المسؤولين، وسيتحمل عبئها ‏في نهاية المطاف عامة الناس، مع العلم أن المساعدات الأمريكية ‏تراجعت خلال الأعوام الثلاثة الماضية بالالتزام بمبلغ 660 ‏مليون دولار كمساعدات اعتيادية، منها 360 مليون دولار ‏اقتصادية توزع على قطاعات مختلفة ودعم الميزانية، و300 ‏مليون دولار مساعدات عسكرية، مقابل تجاوزها المليار دولار ‏في 2008 و2009؛ ما يثير شكوكاً في استبدال القروض بالمساعدات.