سنابل الخوف

ذات خوف تشربنا ثقافة شراسة الطفولة ، نحن العرب استثناء من شعوب الدنيا تشربنا هذه الثقافة ،لم نعش طفولتنا يوماً واحداً ن لقد خرجنا منها يوم ـن خرجنا من رحم أمهاتنا إلى مرحلة الكهولة ، كم هو مؤلم أننا لم نتوقف ولو لحظة في مرحلة الرجولة ، يوم ميلادنا حين أطلقنا صرختنا الأولى والأخيرة صحونا على تهديد الأب والأم والجد والجار و" الداية " أسكت هسا بجبلك الشرطي يسجنك ، هسا بيجيلك الغول بيوكلك فصمتنا وسكتنا سكتتنا الأخيرة وللأبد .
ذات خوف تشربنا ثقافة الرعب بكل أشكاله وأنواعه ، وذات هنا تعود بنا إلى عصر عسس العباسيين الذين كانوا يبحثون عن بقايا الأمويين ، وبعدهم عسس الفاطميين الذين كانوا يفتشون عن بقايا العباسيين ، وبعدهم جند المماليك الذين بحثوا عن بقايا الفاطميين ، وبعدهم جند الأتراك الذين بحثوا طويلاً عن مجندين ليكونوا مشاريع شهداء في حربهم ضد العالم ، وبعدهم جاء عسكر الإنجليز فانقسمنا نحن العرب إلى فريقين الأول جاسوس إنجليزي ضد الأتراك ، والثاني جاسوس تركي ضد الإنجليز وقلة قليلة رحمها الله انقسمت إلى فريقين ، الأول مغلوب على أمرهم وصامتون ، والثاني ثائرون على الإنجليز والأتراك معاً ، وفي النهاية أصبح الكل يخاف من الكل ، كان أجدادنا يسيرون وهم يتلفتون حولهم من الخوف والرعب وأخذنا هذه العادة فما زلنا نسير ونتلفت حولنا ، وأحياناً نتلفت حولنا ونحن واقفون أو جالسون أو نائمون ، ولو فحصنا الأمة العربية طبياً لوجدنا أن الجميع يشكو من " ديسك في الرقبة " ولا تسألوني من أين جاء هذا " الديسك " .
ذات يوم كانت الناس تقول هذا جاسوس إنجليزي وذاك جاسوس تركي أما اليوم فأجروا على كلمة جاسوس عملية تجميل فأصبحت مخابرات