الغـلاء يغتال فرحة العيد

الهم المؤرق الذي اغتال فرحة العيد ، ويشكل المادة الرئيسة لاحاديث المواطنين، والقاسم المشترك بينهم هو الغلاء وارتفاع الاسعار بشكل جنوني ، فكيلو البندورة عشية العيد ، وصل سعره دينارا ، وكذلك الخيار والبطاطا، وارتفعت كرتونة بيض المائدة الى ثلاثة دنانير ومائتين وخمسين فلسا ، أي ان سعر البيض الحبة الواحدة خمسة عشر قرشا ، اما اسعار الفواكه فهي في العلالي ، وفوق طاقة المواطن الذي اصبح غير قادر ان يقترب من نارها ..الخ وفي هذا الصدد لا بد من التأكيد على جملة حقائق اهمها:
ان اغلبية المواد الغذائية التي ارتفعت اسعارها وبشكل غيرمعقول ، هي انتاج محلي، وبفعل التصدير، ما يعني انه لو كان هناك جدية لتم توفير هذه المواد في الاسواق ما يؤدي الى انخفاض اسعارها ، فنحن لسنا ضد التصدير ، ولكننا مع توفير هذه المواد للمواطنين الغلابي بأسعار مقبولة اولا .
ومن ناحية أخرى يبدو ان الحكومة - وللموضوعية ينطبق هذا الكلام أيضا ،على الحكومات التي سبقت- لم تعد تعطي هذا الموضوع الخطير ما يستحق من اهتمام، وقد أصبح الحديث عن ضرورة التصدي لارتفاع الاسعار.. حديثا بلا صدى، بحجة انها لا تتدخل في حركة الاسواق ، وان الاسعار خاضعة للعرض والطلب، وهذه النظرية الاقتصادية لم تعد أمرا مسلما به في بلاد "المسعدين” على حد تعبير زميلنا المرحوم جورج حداد، بل تخضع للنقاش ، والاخذ والرد، وللالغاء اذا ما وصلت سكين الغلاء الى رقاب المستهلكين، وأثرت على مستوى معيشتهم.
ان من تابع كارثة "وول ستريت”عام 2008 ، وتداعيات الكساد العالمي ، وتصريحات كبار المسؤولين في الدول الاوروبية واميركا ، والتي هي بالاساس تعتمد نظرية الاقتصاد الحر، يجد انهم قرروا التدخل لحماية الاقتصاد من نهج المقامرة والمغامرة، كما اثبتت وقائع انهيار بورصة "وول ستريت”.. ما ادى الى ضخ مليارات الدولارات في البنوك والشركات والمؤسات الكبرى لتقوى على النهوض من جديد ، ما يعني ان الحكومات اصبحت شريكا في ادارة هذه المؤسسات العملاقة.
وفي هذا السياق .. فلا بد من الاعتراف بحالة الاحباط ، التي اصابت البعض بعدم جدوى الكتابة في هذا الموضوع ، ما دامت الحكومات مصرة على الالتزام بنظرية حرية الاسواق بكل حذافيرها ، دون التدخل لحماية المواطنين ما ادى الى توسيع رقعة الفقر والبطالة، وشطب الطبقة الوسطي ، والتي هي عماد الامن والاستقرار في المجتمع.
ومن هنا .. فهذا كله يقودنا الى التأشير على حقيقتين وهما:
سيطرة الاحتكار والمحتكرين على الاسواق فهذه الشريحة تتحكم في مفاصل حركة الاستيراد والتصدير ما ادى الى هذا الارتفاع الفاحش في الاسعار.
والحقيقة الثانية هي : تدفق البضائع الاسرائيلية ، وبشكل غير مسبوق في ظل ارتفاع أسعارالانتاج المحلي ، وفي ظل عدم تدخل الحكومة ، ما اسفر عن نشوء طبقة جديدة من التجار المطبعين ... التي تعتمد على تسويق البضائع الاسرائيلية وتصديرها عبر الاردن الى الدول العربية بعد تغيير بطاقة المنشأ، كما يؤكد المعنيون.
والسؤال الذي يطرح نفسه بالحاح من العمل؟؟ اذا كانت الحكومة لا تتدخل لاطفاء نيران الاسعار .. ولا تتدخل في استيراد البضائع والمنتوجات الاسرائيلية ، في الوقت الذي تهود فيه القدس والمسجد الاقصى المبارك ، وفي الوقت يعلن فيه الاتحاد الاوروبي ودول اميركا الحنوبية عن مقاطعة المنتوجات الاسرائيلية ،احتجاجا على استمرار الاستيطان.فمن ينقذ المواطنين من هذه المأساة التي دفعت البعض منهم الى نبش الحاويات ..!!
ولا حول ولا قوة الا بالله.