معمعة بيانات
لعل آخر تقليعات بعض الصحف الإخبارية , نشر مقالات رديئة بغيضة عن الحياة العامة بالدولة من سياسة واقتصاد أو عن شخصيات معرفة بنزاهتها , وغيرها محاولتاً إستغلال الفوضى العارمة والتخبط العام , لتسويق نوعية مقالات أشبه ما توصف بالدخيلة والموجهة لزيادة الإضطرابات النفسية لدى المجتمع ولبث سموم وأفكار خبيثة عدوة لنا من حيث لا يدري عدد لا يستهان به , وهي تتغذى على هذه الأجواء وتتسع .
أشعر بالحزن عند قراءة تلك المقالات الدنيئة والتي يدرك ناشروها بحجم الأذى الذي قد تلحقه بالمجتمع , فبعض الصحف أصبحت وأمست تتسابق في نشر تلك المقالات .. وما أكثرها وما أكثر الأسماء والصور المرفقة , ولكل صحيفة لون معين خاص تصبغ نفسها به متغلغلة للقراء , بحيث تنتقي نوعا معينا يناسب أجنداتها ضاربة على الوتر الوطني أو الإجتماعي أو العشائري ...
ولكن لي أمل أن وعي القراء يحصنهم ضد هذا الوباء .
إذا ما تركنا هذا الجانب من الكتاب والمقالات التعصبية المغرضة , والتي لا يخلوا يوم من عشرات منها , نجد لبعض الكتاب كلاما رائعا عن الوطن وعن الوحدة الوطنية وعن عاداتنا وخصائصنا النفسية , وعن طبقاتنا الإجتماعية , عن التاريخ المشرق , أصحاب تلك الأقلام كريمة ووفية أصيلة , نقرأ لهم كل يوم , ونتحدث عنهم في كل مجلس , ولا بد من الإعتراف لهم بالجميل .
للصحف الالكترونية دور كبير متنامي في حياتنا , منذ أن أصبح الإنترنت متاحاً للنسبة العظمى من الشعب , وترجع أسباب تفوق بعض الصحف وحرصها على القيام بأدوار نزيهة وواضحة لا لبس أو شك فيها , إلى وجود دافع وحس أخلاقي مهني , ووازع ديني و إنتماء عند القائمين عليها , هذا الدور يسجل لهم في التاريخ , في ظل هذا الوضع العام المتردي , وهذا المخاض الذي لا نعرف ما بعده .
سئل خروشوف رئيس وزراء الاتحاد السوفييتي سابقاً , بعد أن سحق ثورة المجر الكبرى عام 1956 , والتي راح ضحيتها أكثر من خمسة وعشرون ألفا من المدنيين , وسبعن آلاف جندي , ومشردين , سئل !! ما رأيك بما حصل قال " الأمر في غاية البساطة , حيث أن شيئاً من هذا ما كان ليحدث , لو أننا نفذنا حكم الإعدام لأثنين من كتابهم في الوقت المناسب " .
العقيدة المستفادة من كل ما سبق , أنه يجب علينا محاربة هؤلاء وما يحاولون من التواء وقمع فكري وتظليل , علينا إعدامهم مهنيا , وأدبياً , والعمل على نشر صورة أصيلة مشرقة للجيل الذي ينحدر الآن نحو الإحباط من قسوة الحياة ...