إلى الأخ علاء الفزّاع ... ( الوطن لا يخذل شرفاءه )

بسم الله الرحمن الرحيم


عزيزي ... علاء الفزّاع

بعد التحية ...

لم أتخيّل يوماً أنّك ستفعلها , مهما كانت الضغوط ومهما قست الظروف . فالضغوط وإن كثرت , والظروف وإن قست , وحتى التهديدات وإن أُطلِقت , لا تكون مبرّراً لشجاع مثلك من الهروب من المواجهة .
كنتَ في فترة من الفترات مدافعاً عن قضية وطن , قضية هوية , وقضيّة إنسان.
كان موقعك الإلكتروني الذي كنت تملكه منذ متنفّسا لك وللكثيرين ,نشرت فيه ما تشاء , وقفت فيه مع قضايا الوطن , ناصرت فيه كلّ مظلوم , وفضحت وعرّيت فيه كلّ ظالم . وهنا ومن باب ذكر أحد مواقفك الجريئة لن ينسى المعلمون أنّك كنت من أوائل من ناصروهم في قضيتهم بمطالبتهم بنقابة للمعلمين .

مورست عليك الضغوطات , دخلت السجن , ولُفّقت عليك التهم , كما لُفّقت على الذين من قبلك ومن بعدك . ثمّ خرجت مرفوع الرأس .

راودتك نفسُك للدخول في المعترك السياسي من أوسع أبوابه – وهذا حقّك الطبيعي - , رشّحت نفسك لخوض الإنتخابات النيابية , على الرغم من نصائح الكثيرين ممّن احترموك واحترموا طرحك , فلم يحالفك الحظ مع رفاقك .

تفاجأ الكثيرون , ممّن اتفقوا معك أو خالفوك , أنّك غادرت بلدك طالباً حقّ اللجوء السياسي , في وقت يحتاج فيه الوطن إلى الجميع من أجل تحقيق العدالة والحرية والعيش الكريم .

عزيزي علاء ...

قلت أنك ( ستفضح وتعرّي الفاسدين في وطنك أمام الشعب الأردني ) , وقد فُضحوا على رؤوس الأشهاد , كثير من الظالمين والفاسدين مهما علت مسمياتهم , وانحطت أخلاقهم قد فُضحوا , وأصبحوا مكشوفين للجميع .
ربّما أنك تمتلك حقائق أو دلائل على قصص أخرى من الفساد والظلم , لكن لن تزيد تلك الحقائق والدلائل على الأمر شيئا سوى مزيد من القبح والسوء والسواد لوجوه أولئك .
هل ستكون الحقائق يا عزيزي أمرّ وأدهى من تجويع وإفقار شعب كامل على يد أولئك الظلمة الفاسدين ؟؟؟ هل ستكون تلك الدلائل أجلى من بيع وطن بمقدراته ذهبت أثمانه إلى جيوب الظالمين ؟؟؟ هل ستكون المرارة والقسوة أشدّ وأقسى من تلك التي يمارسها أولئك على أحرار اعتقلوهم وسجنوهم , لا لذنب اقترفوه إلاّ أن قالوا ( كفى ظلما واستباحة لوطن مكلوم ومواطن مقهور ) ؟؟؟ هل سيكون ما سترويه أبشع من تجويع جائع وإفقار فقير وظلم مظلوم ؟؟؟

هدّدتَ من البلد الذي تلجأ إليه الآن , أن تعرّي الظالمين أمام المحافل الدولية , فهل ما زلت تثق بتلك المحافل ؟؟ فأين تلك المحافل ممّا عانى ويعاني منه أهلنا في فلسطين , ولبنان وسوريا والعراق ومصر ؟؟ أين تلك المحافل من دم جرى ويجري من شعب أعزل في بلادنا ؟؟ أليست تلك المحافل شاهدة على تلك الجرائم , إن لم تكن أصلا شريكة فيها ؟؟ فماذا فعلت تلك المحافل من أجل أطفال ونساء وشباب وشيوخ عزّل استبيحت دماؤهم , وانتهكت أعراضهم , وصودرت حرياتهم ؟؟ ماذا فعلت تلك المحافل لشعب احتُلت أرضه , وتمّ تشريده ؟؟
هل ستقف يا علاء أمام تلك المحافل لتشكي لهم فاسدين باعوا مقدّرات وطن وأنت تعلم أنّ تلك المحافل تساند دولة مجرمة سكتت بل وشجّعت على سرقة أرض وتشريد شعب وتزوير تاريخ ؟؟

وأخيرا ...

كان رفاق لك يتمنون أن تبقى بينهم صامدا , عن الحق مدافعا , وللعدل والحرية مناديا .
كان رفاق لك في السجون , يتمنون أن تكون لهم مستقبلا حين يخرجون بعزتهم وكرامتهم .
كلّ من عرفك , من قريب أو بعيد , كانوا يتمنون أن تبقى بينهم ومعهم , مساندين لوطن اقتربت فيه لحظة الحسم , والحسم دائما كما تعلم يكون للحق ولا شيء سواه .
الشعب باق يا علاء متشبثا بأرضه ووطنه , متمسكا بهويته , مساندا لمن يريد بحق العدالة والحرية والكرامة للجميع . والوطن لا يخذل رجاله الشرفاء الصادقين .

أتمنى لك طيب الإقامة في بلد لجوئك راجيا أن يبقى همّ الوطن , أرضا وشعبا وهوية في قلبك وفكرك .

عبد الغفور القرعان .
من وطني الأم والأب ... الأردن .