تيتانيك الجزائرية

تيتانيك الجزائرية


حلمتُ ذات يوم بأنّ الجزائريين تعاونوا من كفاءات و مهنيين و مسؤولين و بسطاء، تعاونوا كلهم على البرّ و التقوى، أي على صناعة سفينة عملاقة تكون على هيئة تيتانيك الانجليزية، من أجل عبور البحر المتوسط باتجاه العالم الذي يحلم به كلّ المقهورين في هذه البلاد، طبعا ليس من البلاد ذاتها، و إنما من تصرفات العباد.
حلمتُ برواد الدرجة الثالثة!
هؤلاء الأشقياء الذين يعملون دون تذمّر، و لكنهم يستمتعون بالحياة كما يريدون، ليس لديهم حدود تحرسها العادات و التقاليد، ليس لديهم وقت ليهدروه في التحفظ و النفاق، ليس لديهم ما يخسرونه في الحياة، ما يضيعونه في المتاهات، يعيشون كلّ يوم مستقل عن الآخر، فكلّ ثانية بالنسبة إليهم هي مهمّة لغاياتهم، مهمّة لحياتهم، مهمّة لمتعتهم، و مهمّة لأجْلهم، لا من أجل الآخرين، هم البسطاء السعداء، منهم العظماء و الأنبياء.
حلمتُ برواد الدرجة الثانية!
قوم كخلايا النحل، لا يتعبون من قول:" نعم سيّدي (ة)"، لا يعرفون في هذه الحياة سوى العمل، هم جاهلون بالراحة و الكسل جهلا مطبقا، من كثرة عملهم هم يعملون، و من كثرة تعبهم هم يعملون، و من شدّة تعطشهم للعمل هم يعملون، لا تثنيهم عن العمل سوى العمل، حتى أنهم إذا مرضوا هم يكتفون بمراقبة العمال الآخرين، يصدرون لهم الملاحظات، و يعطوهم ما يلزم من التوجيهات، حتى لا ينقطعون عن العمل، شعارهم في هذه الحياة هو: الحياة عمل، و لكل إنسان دوره في الحياة.
حلمتُ برواد الدرجة الأولى!
أناس كغيرهم من البشر، يعتقدون أنهم أفضل من الكائنات المقدسة، متعجرفون إلى درجة التكبّر حتى على أنفسهم، رجال يدعون عكس كلّ ما يحملونه في أفئدتهم المعاقة، يحبون المال أكثر من حبّهم لأرواحهم، و في سبيل كلمة احترام و تقدير من أحدهم، هم يتخلون عن أعزّ مكاسبهم، يستمتعون عندما يهينون الضعفاء من أقوامهم، بينما هم في الدرجة الأولى إن تعلّق الأمر بالجبن، سوء التسيير و عدم الاكتراث بالمسؤولية، هم مجرمون في ثوب شرفاء، وحوش في ثوب عرائس، و عبيد في ثياب سادة.
حلمتُ بـ: جاك دوسن!
رأيتُ ذلك الشاب الذي يحمل الطموح في عينيْه، ذاك الذي يريد أن يصارع العالم من أجل أن يصل إلى غاياته المشروعة، و بالطرق المشروعة أيضا، إنه نموذج موجود و حيّ لشباب جزائريّ كغيره من الشباب في هذا العالم، له أحلامه التي يحاول الحصول عليها، و له انكساراته التي يحاول تجاوزها و الاعتبار منها، إنّه المستقبل لمن يحاول الرهان عليه، و إنه الحياة لمن يحاول أن يتعلّم منه.
لم أحلم بـ: روز ديويت بوكاتر!
هذه الفتاة تحمل أهم سمات النساء، تحمل أسمى صفات المرأة، و تجسد المثالية التي يبحث عنها كل شاب له من الشرف نصيب، إنها خصلة: الوفاء لرجل واحد.
لم أجد إلى الآن في بلادي أيّ فتاة تحمل هذه الصفة، لدا لم أحلم بها، و صعب للغاية أن يجد المرء جزائرية وفية لرجل واحد في مطلع الألفية الثالثة، صعب للغاية أن نجدها بين هؤلاء الفتيات، لأنهنّ أنانيات بطريقة غير اعتيادية؛ لهذه الأسباب لم أحلم بـ: روز الجزائرية.

السيّد: مــــزوار محمد سعيد


msmezouar@Live.com