مفتي السعودية.. تدخل غير موفق

 

قول مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز ال الشيخ، في معرض وصفه ثورة المصريين على نظام مبارك، إنها فتنة وإجرامية كاذبة. كان منحازا للأدبيات السياسية أكثر من انحيازه وتعلقه بمنطق تخصصه وعلمه.

 

الناس في عالمنا الإسلامي لم يستهجنوا فتواه، فتلك المرجعية اعتدنا على مواقفها وفتواها المعاندة على الدوام لمشاعر الأمة ورغباتها.

 

لكن الناس توقعوا عدم تدخله فيما لا يعي ولا يعرف تفاصيله، ولعل الشيخ إذا ما انتصرت الثورة وتغير نظام الحكم، سيطل علينا، وفق فقه التغلب الذي يؤمن به ليعطي الحكم الجديد مشروعيته، ولعمري تلك مداولة غير منصفة.

 

ما لا يدركه الشيخ الجليل، الذي لا شك في علمه وقدراته، انه من مدرسة فقهية وهابية سلفية لا رواج لها وليست بذات تأثير على العقل الديني المصري على التحديد.

 

فلو قال مهما قال، لن يجد لمقولته من أتباع الثورة أذنا صاغية، وسيرد عليه بواحدة من اثنتين، فالبعض سيتهمه بأنه عالم سلطان أفتى فتواه مراعيا مصالح النظام السياسي الذي ينتمي له.

 

والبعض الكثير في مصر لن يبالي بقيمة تلك المرجعية، فالثورة محلية الطابع والاتجاه والهموم، والتدين المحلي المصري لم تتسرب له السلفية إلا في الأطراف البعيدة، فلا زالت وهابية الشيخ في عدم تأثيرها لا تختلف عما قاله أصحاب ولاية الفقيه بشأن الثورة.

 

حين قلت يا شيخ في فتواك واصفاً تلك التظاهرات بـ"المخططة والمدبرة لتفكيك الدول العربية الإسلامية وتحويلها إلى دول صغيرة متخلفة". تمنينا سماع ذلك بحق السودان حين جرى الاستفتاء على انفصاله، وبحق العراق حين غزته أمريكا، وبحق لبنان حين ذهبت مجموعة منه محسوبة على نظامك السياسي إلى المحكمة الدولية.

 

على كل حال يا شيخنا المفتي، هذه الثورة، حين انطلقت من عقالها، وقررت الصدام مع الاستبداد والظلم والخيانة، كانت قد تحررت أولا من كل المقولات والفتاوى التي أفينت (من الأفيون) عقول الأمة وجعلتها ساكنة يتلاعب بها الحكام والخارج كيفما شاؤوا.

 

الموقع الذي يحتله مفتي الجزيرة العربية، لو تحرر من تأثير السياسة، كان كفيلا بتحريك جموع لا يستهان بها من الأمة، لكن عزاؤنا المرحلي جاء من مواقف علماء معتبرين ساندوا الثورة، وعزاؤنا المستقبلي أن تحرر الثورة الأزهر وتعيده لجادة الحق والناس.