المقبـرة الكبـرى
مسألة المهاجرين غير القانونيين ستثار في اجتماعات الاتحاد الاوروبي وسيطلب البعض اعادة النظر في قوانين الهجرة بغرض السماح للهاربين بحياتهم من ويلات الحروب واهوال الجوع والضنك باللجوء الى القارة الاوروبية. لكن القضية شديدة الحساسية وسيعارضها الكثيرون خاصة الاحزاب اليمينية والمتطرفة التي تتخوف من خطر المهاجرين على الثقافة والتقاليد والاقتصاديات الاوروبية.
مأساة المهاجرين الذين يأتون من قلب افريقيا ومن شمال القارة وحتى من فلسطين وسوريا ومصر تمثل الفوضى والدمار والفقر والعوز الذي يضرب هذه المناطق لاسباب مختلفة. هؤلاء يبحثون عن أمل وعن حقهم في الحياة وفي العيش الكريم بعد ان فقدوا كل شيء. علينا ان نتخيل حجم الاحباط الذي يدفع بالمهاجرين، جلهم من الشباب، لخوض هذه المغامرة الخطيرة في قوارب غير آمنة للوصول الى شواطئ اوروبا وطلب اللجوء الانساني.
في المقابل فان اوروبا تمر في مرحلة رهاب من المهاجرين، خاصة المسلمين منهم، بعد ان استقرت الصورة النمطية عن الاسلام في اذهان الملايين من الاوروبيين. قليلون يدركون مسؤولية اوروبا التاريخية في بث الفوضى والفساد في مستعمراتها القديمة في افريقيا وبالتالي يطالبون بان تقوم حكوماتهم بدور في تأمين اللجوء الانساني لاتباع هذه المستعمرات. وفي حقيقة الأمر فان اوروبا تحولت في السنوات الأخيرة الى قلعة حصينة واغلقت ابوابها في وجه المهاجرين وفي الوقت الذي تصدرت هذه القضية الاجندة السياسية لحكومات الاتحاد الاوروبي الذي تعاني معظم دوله من ركود اقتصادي وارتفاع في معدلات البطالة والفقر وضغط الانفاق الحكومي.
قضية المهاجرين من افريقيا الى اوروبا ليست قضية اوروبية بحتة. هي تستحق اهتماما دوليا في الوقت الذي تبرز فيه اسباب فشل النظام العالمي الجديد/القديم في انتشال دول كثيرة من هوة الفقر والفساد والفوضى.
ظاهرة غرق المهاجرين في المتوسط ستتكرر طالما ان ظروف الحياة في كثير من دول افريقيا والشرق الأوسط تظل سيئة الى الحد الذي يدفع بمئات البشر الى ركوب البحر وتحدي الموت بحثا عن حياة افضل وبدايات جديدة.