قبل نشوب مزيد من الحرائق في التنمية الاجتماعية
أفردت صحيفة العرب اليوم صفحة كاملة عن المواطنة الاردنية التي حاولت إضرام النار في مكتب صندوق المعونة الوطنية في بلدة دير علا، احتجاجاً على سوء وضعها وأطفالها وعدم تلقيها المساعدات كغيرها، لزواجها من غير أردني، وهو احتجاج لا يقل في معناه ومغزاه عن احتجاج التونسي البوعزيزي الذي أشعل ثورة تونس، إلا إذا كان المطلوب منها أن تحرق نفسها لتوصيل رسالة احتجاجية.
الصفحة التي أفردتها الصحيفة تدمي القلوب بما فيها من صور لأطفال يعيشون معاناة أليمة بغياب والدتهم الموقوفة في سجن الجويدة بمحاولتها الاحتجاجية، ولغياب الوالد في وطنه، وبما تحقق منه الزميل الصحفي ممدوح النعيم في متابعته للقضية؛ إذ نقل عن مدير التنمية الاجتماعية المعني قوله إنه تم صرف معونة نقدية شهرية ومساعدات عينية عبارة عن بطانيات وفرشات ومواد غذائية ومعونة طارئة قدرها 300 دينار رفعت باسم جدة الأطفال لكون والدتهم موقوفة.
ترى لو أن مدير التنمية المعني صرف هذه المساعدات أثناء طلبها، هل كانت المواطنة ستقدم على ما أقدمت عليه، وهل المطلوب أن يقدم كل محتاج على أمر ما مشابه لكي يحصل على معونة يستحقها.
ليس خافياً وجود إجراءات روتينية وبيروقراطية في أغلب مؤسسات الدولة، غير أن وجودها على ما هي عليه من تعقيد في مؤسسات المعونة وتوفير الاحتياجات للمعوزين يظل أمراً رهيباً ومرفوضاً، إلا إذا كان المطلوب أن يظل الأطفال بانتظار البطانيات حتى نهاية الشتاء. والمرضى حتى يأتي الأجل، وهكذا لكافة المستلزمات التي ينتظرها فقراء الأردن الذين باتوا على وشك أن يكونوا الغالبية العظمى من الشعب.
أغرب ما في المتابعة الصحفية ما ورد على لسان عضو في جمعية الطوال الخيرية حول القصة المأساة، إذ قال إن حكاية المواطنة معاناة كل امرأة تتزوج من وافد، باعتبار الأخير يسعى إليه تجارياً وليس إنسانياً، متناسياً أن الأردنية إنسانة وتحتاج زواجاً وتسعى إليه إنسانياً حتى إن كان من وافد، وأنه حق لها ديناً وشرعاً ينبغي حمايته وليس اعتباره خطأ تتحمل مسؤوليته من تقدم عليه.
المحامي برهم العبادي تطوع للدفاع عن المواطنة، وفي الأمر شهامة وأخلاق يحمل عليها، ويقول إن المحكمة رفضت طلب كفالتها رغم كل ظروفها الإنسانية وانطباق شروط الكفالة عليها. وهنا يتكشف روتين آخر في مؤسسة ينبغي أن تكون الأكثر ديناميكية وحركة في مجالات العدالة والإنسانية.
في كل يوم يذهب الملك في زيارات مفاجئة إلى مناطق فقيرة، ويلتقي فقراء ومعوزين فيها، ويقدم ما أمكن من مساعدات، غير أن الأمر ليس حلاً لقضية الفقر بالأردن. غير أن فيه رسالة للقيام بالواجب حيال هؤلاء.
أما الرد عليها فهاهو ماثل أمام الجميع، في قصة إنسانية مثلها آلاف القصص.
وزارة التنمية الاجتماعية على ما هي عليه من أداء لن تحل مشكلة الفقر بالأردن، وستظل في إطار تقديم معونات هنا وهناك، كل من يحصل عليها محتاج إليها، ولا ينبغي معها أن يتحول الشعب كله إلى فقراء مستعدين لحرق أنفسهم.