هل ستغير "مكة" من فكر دولة الرئيس؟



إذن هي مكة، المحطة الإيمانية التي اختارها دولة الرئيس، لكي يجلس مع الذات، بعيداً عن الضوضاء السياسية، والأصوات الحراكية، والتقلبات الاقتصادية، والعواصف المعيشية التي نالت من المواطن الأردني ما نالت، وحجّمت من قدرته المعيشية، وزادت من معاناة اليومية، فضلاً عن نقدّ الإعلاميين، وهجوم المحلليين، وتصريحات النيابيين، التي حمّلته مسؤولية ما آلت إليه البلاد من فوضى مجتمعية، وترهل إداري في مؤسساتنا، وقطاعاتنا الإنتاجية تجاوزت الحدّ المقبول، وربما كشفت المستور عن خلل مؤسسيّ بات واضح للعيان.
ظن الشعب أننا أمام شخصية اقتصادية مخضرمة، تحمل الكثير من الخطط الإستراتيجية، والمشاريع الاقتصادية والتي ستكون مدعومة بقرارات جريئة قد تطيح برؤوس ضاق المواطن منها ذرعاً، فلم يعد يحتمل وصفاتهم السحرية، ولا تبريراتهم المتكررة، وثبت للمواطن في نهاية الأمر أنها مسرحية، لا ارتقاء في عملنا الإداري، ولا ثورة اقتصادية تنعش الآمال بربيع مليء بالسعادة، والهناء، بعيداً عن ترقب المنح الخارجية، والقروض الدولية.

أيّ نجاح تحقق إذن في سياسات حكومتنا الجليلة، فالمديونية زادت عن حدّها، والاقتراض الخارجي، والداخلي فاق التوقعات لتغطية النفقات الحكومية، والتقاعدات، والرواتب المعيشية، بدون أيّ تحسن يذكر على دخل الفردّ لا بل عوقب الفرد أيضاً بوابل من القرارات الضريبية، زادت الطين بله، فعكّرت من مزاجه الشخصي، وأقلقت أمنه الاجتماعي، وقتلت طموحه الشخصي، وبخاصة مع اختلال ميزان العدالة الاجتماعية، والذي طفح لصالح فئات برجوازية بعينها، نالت من المناصب الحكومية، وتسيّدت العديد من الدوائر المهمة في البلاد.

إذن! فرص كثيرة نالها دولة الرئيس، لكي يحقق أفكاره الطامحة عندما كان مواطن عادي، ونائب وطني، وعين في مجلس ملكي، وأخيراً حمل إلى الدوار الرابع بترحيب شعبي، لكي يداوي الجراح الاقتصادية التي احتبست البلاد لفترات طويلة، نتيجة التخبطات الاقتصادية، والمزاجية النخبوية، والتباطؤ في اتخاذ القرارات الجريئة، ومع ذلك لم يستطع دولته لغاية هذه اللحظة من إعادة السفينة إلى مرساها الطبيعي، لكي نشعر بالأمن الاقتصادي، والتفاؤل بمستقبل واعد يحدّ من الهجرات الوطنية خارج حدود البلاد.

ولعل رحلة مكة وأداء مناسك الحج فيها، تكون فرصة أخرى لدولة الرئيس يعيد من خلالها حساباته، ويراجع ما خلّفته قراراته على أبناء الوطن من مآسي اقتصادية، والبحث عن بدائل أخرى من شأنها أن تعيد للميزانية الرونق التي اعتادت عليه منذ عقود، كمكافحة الفساد، وتجفيف منابع التهرب الضريبي، ومحاسبة الفاسدين، وعزل كل مسئول متخاذل في أداء واجبه الوطني.

ويبقى السؤال: هل سيعود دولته من رحلته الإيمانية مدافعاً، ونصيراً عن حقوق المواطن، وأحلامه المستقبلية؟.