الاردن: رسائل مرمزة توحي بالتمهيد لمحاكمات وتحقيقات تطال بعض الحيتان

اخبار البلد- وضع البرلماني الاردني البارز والمؤثر عبد الله النسور عائقا تكتيكيا امام 'اعترافات' مفترضة للحكومة الجديدة برئاسة الدكتور معروف البخيت عندما اعلن عبر اذاعة محلية بان رئيس الوزراء المكلف والجديد ينبغي ان لا يكتفي بمصارحة تؤدي للاعتراف بتزوير الانتخابات التي حصلت في عهده عام 2007 بل عليه ان يقرن ذلك بأفعال لمحاسبة مسؤولين عن هذا التزوير.

واذا كان الدكتور النسور السياسي المحنك جدا بصدد الوقوف بقوة برلمانيا مع تجربة الوزارة الثانية للبخيت او شبك تعليقه على اساس ترتيب مسبق فاشارته ستكون مقدمة على الارجح لفتح ملف تلك الانتخابات الشائك مما قد ينتهي فعلا بمحاكمات لشخصيات بارزة في العهد القريب بدأ البعض يربط بين فتح ملفاتها وبين قدوم البخيت حصريا. وهي محاكمات تربطها بعض المصادر والتوقعات بتحقيقات موازية في ملفات فساد من الطراز الثقيل كما يتردد في حين تعهد البخيت بارسال ملف الكازينو الذي ارتبط بحكومته الاولى للقضاء فيما نصحه نائب رئيس البرلمان عاطف الطراونة بارساله لهيئة مكافحة الفساد اولا.

لكن اذا لم يكن الترتيب مسبقا وسياسيا فان الفرصة متاحة لان يتجاوز الرئيس البخيت مع البرلمان والرأي العام مسألة الانتخابات في عهده بصعوبة بالغة، فالانتخابات التي شهدتها البلاد عام 2010 في عهد حكومة الرئيس سمير الرفاعي اسست مجدها على جسد انتخابات 2007 التي انتهت بحل البرلمان حفاظا على هيبته وكانت الانتخابات الاسوأ في تاريخ المملكة وفقا للمركز الوطني لحقوق الانسان.

ومن الواضح الآن ان طريق البخيت حتى قبل اختيار طاقمه الوزاري مفروش بعدة مطبات حتى يتمكن من انجاز خطة الاصلاح الكبيرة التي وردت في خطاب التكليف الملكي لوزارته والمطب الاهم والاساسي هو تجاوز عقدة تزوير الانتخابات عام 2007 وهي مسألة من الواضح انها تقال للبخيت في كل لقاء وتتطرق لها كل البيانات السياسية وستكون محطة اجبارية للتوضيح والشرح وحتى لتصويب الامر عندما تتقدم الوزارة لنيل ثقة البرلمان.

وحتى البخيت نفسه يدرك تماما اهمية هذا الملف في تسويق وزارته وتمكينها. ومن الواضح ان صعوبات بالغة تنتظره بين النواب ما دام مؤيد كبير ومتوقع لحكومته من طراز الدكتور النسور يلمح لانه وباسم الرأي العام لن يشتري رواية تعترف بان الانتخابات زورت في عهد البخيت بدون اجراءات لمحاسبة المسؤولين عن هذا التزوير.

وكلاهما هنا- اي البخيت والنسور- يعرف ما المقصود في هذه الاشارات المرمزة، فحتى البخيت اعترف بعد التكليف وعلى هامش المشاورات بأنه لم يكن 'المدير' الوحيد لحكومته، وقبل ذلك تحدث علنا عن عمليات تلاعب في الانتخابات قد تكون جرت من وراء ظهره او في غرف العمليات.

والشكوك بهذا المعنى تساور المراقبين بما في ذلك المحبين للبخيت وحكومته الثانية بأن يمضي مشوار المصارحة والمكاشفة الذي وعد به الاخير لاشواطه الاخيرة، فالاسلاميون في بيان الاعتذار عن المشاركة بحقائب الوزارة الجديدة تحدثوا عن تزوير انتخابات 2007 وشخصيات ليبرالية بارزة من طراز الدكتور مصطفى الحمارنة تطرقت لنفس الموضوع عند الاشارة للرسائل السلبية التي التقطها الاصلاحيون.

ورغم ان البخيت يشكل فريقه بمنتهى البطء والكتمان تتفاعل الاتجاهات داخل البرلمان الذي يراقب المشهد عن بعد منقسما بين اتجاهين في مجلس النواب الاول يسعى لتوسيع اطارحجب الثقة عن الحكومة والاستناد لقصتي الكازينو وانتخابات 2007 في ذلك والثاني يحذر من الخيار الاول حتى لا يحسب فشل الحكومة مستقبلا على مجلس النواب.

وسط هذا الضجيج يأمل رئيس الوزراء الجديد بحسن نية في الانطلاق والتحليق وسط ظروف واعتبارات معقدة للغاية. ومن الواضح ان النصائح التي قدمها النسور الحاجب الاكبر للثقة عن حكومة الرفاعي ينبغي ان تؤخذ بالاعتبار.