المخططون الجدد

في الواقع الحالي أصبحت تجارة الخردة ونبش الحاويات رائجة، وتشكل عمودا في الاقتصاد الوطني؛ بدلالة تزايد أعداد المتجولين لشراء الادوات البالية، وأولئك الذين ينبشون الحاويات بحثاً عن العلب والقوارير الفارغة المعدنية والبلاستيكية، دون موانع وعراقيل من أي جهة، ومثلهما تجارة الخضار المتجولة، والثابتة على قوارع الطرقات، وكذلك بيع القهوة والمناديل الورقية والسجاير على الاشارات الضوئية.
وإن هذه كلها اضيفت الى تجارة المكسرات على العربات والبسطات على تنوعها، وتنامي قطاع البالة احذية وملابس، ورواج بيع الكعك الحميم مع الشاي، وتنوع سلع سوق الجمعة ووسط البلد ودخول عاملين جدد اليهما، فإنه بذلك يكون لدينا مسار جديد في حركة الاقتصاد العالمي، قد تستحق الحكومة عليه جائزة نوبل! وتدخل به وزارة التخطيط الموسوعة العالمية!
ويبدو أن هناك من لمس تعافياً في الوضع الاقتصادي، فترك نمو هذه القطاعات متاحاً، أو أنه وجد فيه ما يدفع إلى الاطمئنان والامان المعيشي، طالما هذا النوع من الحراك الاقتصادي يؤمن الناس بالاحتياجات، ولا يكلف الخزينة، ولا يحتاج إلى عملات صعبة.
معلوم ماركسياً أن واقع الحال السياسي والاجتماعي يكون انعكاسا للاقتصادي، وهذا يفسر فخامة الوضع السياسي، ولِمَ هو بهذا الوزن الذي يجعل من عدلي منصور بقدر رئاسات مصر المتعارف عليها، طالما انه ليس اللواء نجيب، ولا السيسي، وعبد الناصر. وكذلك لِمَ الناس بهذا القدر من العلاقات الحميمة، فيما بينهم، وكيف سيتخلون قريباً عن استخدام الزوامير والتنازل عن اسلحتهم طوعاً، فلا يقتل نائب سابق، ولا أي شخص من رصاص عرس او حفل تخرج او ربما بمناسبة طهور!
من كثر الرفاه لا تجد الحكومة ما تبحث به، سوى دوام المدارس والتوقيت الشتوي، وكيفية صرف الرواتب مبكراً، وتحديد عطلة العيد لتكون اطول ما يمكن لغايات تأمين الاسترخاء، ليس للناس وإنما لها، فالحاجة الى السفر وعطل بالخارج تعد مستحقة لانجازات عظيمة، أهمها على الاطلاق اعادة الهيبة للبندورة! والاعتبار للبطاطا !والعز لطبق البيض كمنتوجات وطنية أُهينت كثيراً لما كانت في متناول المواطنين!