شجاعة نقد الذات
النقد البنّاء لأداء مؤسسات الدولة جزء أساس من إصلاح أجهزة الحكومة وأدوات اتصالها بالجمهور؛ وما شاهدناه الأربعاء على مسرح مجمع الأعمال في الكرسي أمام جلالة الملك عبدالله الثاني وبرعايته كان مشهداً مهمّاً ودقيقاً للتطور الذي نعيشه وللتغيير الذي يطلبه الملك ويوجّه به الحكومات المتتالية.
و«إصلاح القطاع الحكومي» بعد النقد البنّاء والمسؤول الذي التزم به رئيس الوزراء د.عبدالله النسور وأكد واقعه ووقعه على الأرض يدلّ على جدّية الخطوات المقبلة نحو الإصلاح في كافة أجهزة الدولة وهو مطلب المعارضة قبل أن يكون لغيرها.
جلالة الملك أشّر في كلماته إلى جملة من المثالب والهِنات جعلتني ألحظ في وجه أكثر من وزير وأمين عام ومدير عام شعوره بالخطر والمسؤولية في آن معاً؛ ما يجعل المحاسبة والمكاشفة ووضع العلّة وعلاجها على مائدة واحدة، أفضل ألف مرة من «الطبطبة» والتسويف والتستر خلف متاريس الذوات والمحاسيب الذين أوصلوا الأردن إلى ما هو فيه من محنة المديونية والتسيّب ولا نقول إغراقه في غيابت الجُب.
أسعد المراقبين وقوف الوزير الأسبق شريف الزعبي، نائب رئيس مجلس الأمناء، وسرده لاسم المقصِّر وكأننا أمام نتائج امتحانات مدرسيّة أو جامعيّة تبيضُّ فيها وجوه وتسودُّ فيها وجوه أخرى ظهر خلالها البعض وكأن على رأسه الطير.. لتنتهي إلى أن أصبحت درساً حقيقياً ل «التشمير» عن السواعد والاعتراف بذنب التقصير نحو تقديم الخدمة المثلى للمواطن.
وأكثر ما لفت الانتباه قول الوزير إن المشاركة في هذه الجائزة ضعيفة ولم ترقَ إلى الطموح وأن عدداً قليلاً من مؤسسات الدولة تبنت ثقافة التميّز ولديها أداءٌ مؤسسي مبني على التخطيط السليم والتطبيق والمراجعة والتحسين ما ينذر بخطر كبير جعل الملك يقول ما يقول..
جلالة الملك كاشف الحكومة أولاً خلال اجتماعه مع مجلس أمناء المركز ب «حالة التراخي والتراجع في الأداء الناتج عن الترهل غير المقبول».. موجهاً الحكومة لتداركه وإصلاحه..
هي رسالة واضحة لخدمة الإنسان الأردني وتحقيق مصالحه في سياق تعميم ثقافة التميّز كصفة ونهج وسلوك، والتزام الحكومة ممثلة برئيسها أمام الملك بتحقيق توجيهاته نحو إطلاق الثورة البيضاء التي يريد واعترافه الصريح والجريء أمام الجميع بأن الجهاز الإداري الأردني ليس في أحسن حالاته وأن هناك تردداً وخوفاً في اتخاذ القرار بسبب الأجواء الاتهاميّة السائدة ما أثر سلباً على الخدمات المقدمة للمواطنين جعل الكرة في مرمى كل مسؤول في الدولة وأن يتحسس كل واحد منهم على رأسه قبل أن يحاول إدارة ظهره للجمهور؛ ما يجعلنا أكثر ثقة وأملاً بقادم الأيام التي يبشرنا بها الملك دائماً وعنوانها بدأ - بالفعل - بالإصلاح التدريجي ولن ينتهي بالتغيير الإيجابي المنشود.
نحيي جهود مجلس أمناء مركز الملك عبدالله الثاني للتميز وكافة القائمين عليه خصوصاً الأمير فيصل بن الحسين والوزير الأسبق شريف الزعبي والفاضلة ياسرة غوشة وفريقهم.
samhayari@gmail.com