المبادرة الأردنية.. استحقاق ربيعي


 

تتوهم القوى السياسية الأردنية، إذا إعتقدت أن إستحقاقات الربيع العربي تقتصر مطالبه ونتائجه على أطراف النظام العربي أو على مؤسسات الدولة، بإتجاه التحول الديمقراطي، نحو حكومات برلمانية حزبية لدى الأنظمة الملكية، ونحو رؤساء منتخبين من صناديق الإقتراع، على قاعدة تداول السلطة، لدى الأنظمة الجمهورية.
لقد جرت التحولات المدنية السلمية الديمقراطية، بكل من المغرب والأردن بمبادرة من رأس الدولة في كل منهما، إستجابة للمطالب الإصلاحية، وتم توفير القاعدة الدستورية والقانونية في كلا البلدين مع الفوارق بينهما وصولاً لإستكمال خطوات التحول نحو حكومات برلمانية حزبية، وفي البلدان الجمهورية، جرت التحولات بأشكال متفاوتة في كل من مصر وتونس وليبيا واليمن، بعضها قطع شوطاً، وبعضها ما زال في أتون الصراع والمواجهة على طريق التحول، وهي إستحقاقات لا هروب منها، مهما تأخر الوقت ومهما تم تضليل الناس أو التلكؤ في التغيير.
النظام العربي، برمته في طور التغيير، أسوة بما حصل في أوروبا الشرقية، وبما يجري في دول أميركا اللاتينية، من تطور ديمقراطي والإحتكام إلى صناديق الإقتراع، وهذا التحول سواء كان بطيئاً أو متردداً، لا يعود لقوة قوى الشد العكسي التي تسعى لعرقلة التحولات الديمقراطية، وحسب، بل لعدم قدرة عامة الناس والحزبيين على التكيف مع الجديد الديمقراطي، والإنتخابات البلدية والبرلمانية في بلادنا، ونتائجها وإفرازاتها، أكبر دليل على ذلك.
المبادرة الأردنية للبناء زمزم، هي التعبير الحزبي السياسي الجماهيري عن تطلعات قواعد وكوادر حركة الإخوان المسلمين ورغبتهم نحو المشاركة والتكيف مع إستحقاقات الربيع العربي، ولأنها تخرج من رحم أكبر حركة سياسية حزبية أردنية، كان لها هذا الإهتمام وتسليط الأضواء على عملية الأشهار بما لها من ترحيب أو نقد أو رهان أو عداء، فقد سبقها حالات مماثلة بولادة التيار القومي التقدمي، وتجمع الشيوعيين، وتجمع القوميين، وخروج كوادر من حزب الوحدة، فالحالة الحزبية والسياسية الأردنية متحركة، غير ثابتة أو جامدة، فهي تتجاوب مع التحولات وتتكيف مع تطلعات شعبنا الذي يرغب بالإصلاح الديمقراطي لكافة مضامين القوى والمؤسسات الفاعلة في المجتمع سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً، وبما يشمل النظام والبرلمان والنقابات والأحزاب، ولذلك فالتغيير المطلوب لا تقتصر مهامه على شكل ومضمون نظامنا السياسي، بل يشمل كافة القوى والمؤسسات الفاعلة في المجتمع، وإذا دققنا بالأوراق النقاشية التي عرضها رأس الدولة جلالة الملك، نلحظ بوضوح التناول لكافة هذه المؤسسات، ولا يقتصر الإهتمام على شريحة أو مؤسسة دون أخرى، تعبيراً عن إدراكه ومسؤلياته نحو المجتمع والدولة.
في التدقيق بوثائق حركة المبادرة للبناء، نلحظ أنها وضعت لنفسها أحد عشر هدفاً تسعى لإنجازه، وعبر ستة مسارات كألية لعملها، وضمن سبع سياسات ضابطة لتوجهاتها، وذلك منذ أن تم عقد اللقاء التحضيري الأول يوم 18 أيار 2013، وها هم أصحاب المبادرة يشهرونها يوم الأحد 6/ 9/ 2013، ولذلك يجب محاكمة المبادرة والقائمين عليها، بمدى إنسجامهم مع ما يقولونه، ومدى ما يستطيعون فعله.
حركة المبادرة الأردنية للبناء، تستحق الأسناد، ليس فقط لأنها وليدة الربيع العربي، ورؤيته الأردنية، بل لأننا بحاجة لحركة سياسية نشطة مبادرة تسعى نحو دولة مدنية حديثة بمرجعية إسلامية، كما يتطلعون.
h.faraneh@yahoo.com