فهد الفانك يكتب :التوجه للاقتراض الخارجي
في الجانب السلبي يجد المحلل أن الأردن مستغرق في المديونية إلى درجة تجاوزت الخطوط الحمراء القانونية، وفي الجانب الإيجابي يجد أن معظم المديونية محلية ومحررة بالدينار الأردني، بحيث أن المديونية الخارجية لا تزيد كثيراً عن ربع المديونية الكاملة أو 5ر22% من الناتج المحلي الإجمالي وهي معدلات صحية.
المديونية الداخلية توسعت لدرجة لم تعد تقبل المزيد، بل إن وكالات التصنيف الائتماني الدولية انتقدت بعض البنوك الأردنية لأنها ذهبت بعيدأً في إقراض الحكومة بحجة أن ديونها مضمونة ودرجة المخاطرة فيها قريبة من الصفر.
من الطبيعي والحالة هذه أن يتراجع إقبال البنوك المحلية على الاكتتاب بالسندات الحكومية، مما يغريها برفع سعر الفائدة على الدينار إلى أضعاف سعر الفائدة السائد على الدولار في الأسواق العالمية.
تحت هذه الظروف تتوجه وزارة المالية نحو الاقتراض الخارجي بالدولار، أولاً لأن سعر الفائدة متدن ٍ، وثانياً لأن فترة السداد أطول، وثالثاً لأن البنك المركزي يشجع هذا النوع من الاقتراض لأنه يغذي احتياطي البنك من العملات الاجنبية.
من المتعارف عليه أن الاقتراض الداخلي بالعملة المحلية لا يمثل خطورة كبيرة على مركز البلد الائتماني، فديون البلد منه وإليه، أما الاقتراض الخارجي فقد تكون له نتائج خطيرة، خاصة عندما يتجاوز الحدود الآمنة وتعجز الخزينة عن خدمة الدين الخارجي بسبب الضغوط الشديدة وعدم توفر العملة الأجنبية للسداد.
الاقتراض الخارجي يوفر جانباً من الفوائد على الخزينة، ويدعم احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية، ولكنه يرسم علامة استفهام على ملاءة البلد المالية ومركزه المالي. وفي أسوأ الظروف يدعو للتدخل عن طريق صندوق النقد الدولي الذي يفرض شروطه لمصلحة الدائنين كما حدث في 1989.
من هذه الناحية فإن الوضع الحالي مريح جدأً، فلدى البنك المركزي عملات أجنبية حرة لا تقل عن ضعف مديونية الأردن بتلك العملات، أي أن الأردن دائن بهذا المعيار.
هـذا الوضع المريح يستحق المحافظة عليه بعدم التوغل في الاقتراض الخارجي، ومع ذلك فإن التوجه الراهن هو نحو الاقتراض من صندوق النقد العربي والبنك الدولي، والبنوك المحلية والأجنبية عندما تتوفر الكفالة الأميركية.
جدلية العجز والمديونية لا يجـوز أن تترك للظروف والحاجات الطارئة، ولا بد من وضع حد للتوسع غير المنضبط، بحيث لا تمد الحكومة رجليها لأبعد مما يسمح به بساطها.