تسعون يوما .. هل تكفي يا دولة الرئيس !!
... لا ادري ما هي قصة المائة يوم التي تمنح لرؤساء الحكومات كلما جد تشكيل او تعديل وزاري في البلاد ، وبعد المائة يوم تخرج علينا مراكز الدراسات غير الموثوق بها بالقول ان 70 – 75 % من المواطنين راضون عن الحكومة !! ولم تخلو أية نتائج للمركز المعروف من تلك النسبة العالية من رضاء الناس عن أداء الحكومات المتعافية بالرغم من اتساع قاعدة الفساد والفقر والتعيينات العشوائية المرتبطة بالشللية والمحسوبية والفئوية ألضيقه والاعتداء على المال العام والتلاعب بعمليات الانتخابات البلدية والبرلمانية فالنسب جاهزة ومعدة لا تحتاج إلا إلى اسم رئيس الحكومة فقط !! وبرغم ارتفاع أصوات الناس المطالبة بالتغيير ورحيل الحكومة بعد اقل من ثلاثة أشهر فأن النتائج تأتي عكس ما تذكرة الدراسات .
فبعد ثلاثة أشهر من حكومة السيد سمير الرفاعي خرجت علينا مراكز الدراسات الإستراتيجية بالقول أن ما نسبته 78 % من المواطنين وأصحاب الرأي راضون عن آدا الحكومة بالرغم من مجموعة التعيينات العشوائية ذات العلاقات المهنية والشللية وحتى تعيينات كبار موظفي ألدوله برواتب خيالية ممن لم يحققوا حتى متطلب الحصول على الجنسية الأردنية ، فثارت الدنيا ولم تهدأ وكادت تعصف بالحكومة أزمة تم تجاوزها بتدخل ملكي واضح ، وكذلك ما يتعلق بملاحظات ومدونة مؤسسة المتقاعدين العسكريين التي قدمت للحكومة ملاحظاتها ورؤيتها لما آلت إليه حال البلاد والعباد . ورغم ذلك تمتعت الحكومة بفرصة تعديل كانت رسالة ملكية لتقييم عملها وإصلاح اعوجاجها ولم تفعل حتى قال فيها الناس كلمتهم التي استجاب لها الملك وقام بترحيل الحكومة خشية تعريض البلاد لأزمة لا حمل للوطن بها .
رئيس الوزراء المكلف معروف البخيت يطالب الشعب بمنحه تسعين يوما للحكم على أداء الوزراء في حكومته وإجراء التعديلات المطلوبة التي نادى بها الشارع الأردني طوال أسابيع ! وان كانت الناس تمنح تلك الفرصة مكرهة فهي وبلا شك تطلق أحكامها على الحكومة منذ لحظة التشكيل وخاصة إن استمر تشكيل الحكومة وفقا للنسخة الكربونية في آلية تشكيل الحكومات وتغيير الطاقم المتمثل دوما بتوزيع الحصص والتراضي وتدخل المقربون من الملك لفرض أسماء لا علاقة لها بالأداء الحسن او الالتزام بمعايير المجتمع وقيمه الثقافية وحتى حس انتمائه للوطن ، فيأتي تشكيل الحكومات على ذلك النهج وفقا للنسخة الكربونية المعهودة دون أن نتخطى تلك الصيغة التي تدفع الناس دوما للاستياء وإعلان رفضهم للتشكيل منذ اللحظة الأولى ، فتتكرر أسماء الوزراء سواء أكانوا رجالا او إناثا بغض النظر عن أدائهم وانتمائهم وحسهم بالوطن ، فالإحساس بالوطن ركيزة أساسية لتولي الوزراء مواقعهم ، وقد شهدنا العديد من الوزراء الذين غادروا البلاد التي لم ينتموا إليها أبدا إلا بقدر ما أصابت جيوبهم الثروة واختفوا عن الساحة بعد ان ورطوها بأحمال وأوزار مالية واجتماعية وسياسية ، بل وحاكموا سياستها وتحدثوا بحق البلاد والعباد ما لم يتفوه به إنسان عاقل !! وهذا ما سيفعله اللاحقون ممن يهيأ لنا أنهم أبناء وطن !
لن تكفي التسعين يوما التي طالب بها الرئيس المكلف لإصلاح الوضع ، ولن تكفي حتى عشرة سنين لمعالجة الضرر البالغ الذي أصاب البلاد والعباد ، فالموضوع يتعلق بمنهج وثقافة وإصرار على الإصلاح وليس وفقا لرغبات وامزجه طارئة تحتاج إلى بطاقة عبور الثقة فحسب والاستجابة لمطالب الناس الواسعة ، فما أصاب البلاد من تراجع اقتصادي واجتماعي ومديونية كبيرة واتساع قاعدة الفقر والبطالة وظواهر الاعتداء على المال العام وتشكل ثقافة المحسوبية والشللية والتدخل وتوجيه الحكم والحكومات من قبل التجار والمقربين وغيرهم يحتاج إلى برنامج إصلاح شامل جذري وليس آني تقوده حكومة بوزراء وطن دائمي الانتماء وليس طارئي الولاء ، عجول ارض وليس دخلاء لا نعرف إلى أية قبلة يتوجهون !
لن أكون متشائما حد الاستسلام لما آلت إليه الحال ، لكننا نسمع ونقرأ ونعلم أن تشكيل الحكومة ومنهج الإصلاح الذي يزمع الرئيس المكلف قيادة سفينته لن يتعدى أكثر من إصلاحات تهدئ الخاطر لفترة زمنية ،وستتشكل الحكومة وفقا للنسخة الكربونية المعهودة ! فكلما سرنا واوغلنا في بناء الوطن الديمقراطي وجدنا فيها حواجز وأسلاك شائكة تحول دون مرور أصحاب الفكر والولاء والانتماء لبلادنا وتتيح المجال للتجار والمتعهدين والمال السياسي وأصحاب المصالح من المرور لمجلسنا التشريعي ! فتجربة انتخابات عام 1989 ببرلمانه ورجالاته وانجازاته نموذج واضح على ذلك التراجع الكبير إذا ما قسناها بانتخابات 2010 التي بنيت على قانون وهمي كانت نتيجته رفض واستياء شعبي واسع ومناشدة الملك برحيله حيث شكل نقطة حرجة للنظام والوطن برمته .
نأمل التغيير ، ونأمل الإصلاح ، ونأمل ان تكون هذه الحكومة واسعة الصدر لما يقال وما سيقال لاحقا حين نرى بوادر الإصلاح كيف وعلى أية أرضية تتم ، فما ننشده ان يضع الرجل لبنة الأساس للإصلاح لأننا ندرك انه لن يكمل وحده الطريق .