منظومة النزاهة الوطنية والأمل المنشود
استكملت اللجنة الملكية لمنظومة النزاهة الوطنية سلسلة لقاءاتها التشاورية التي عقدتها مع معظم الفعاليات الوطنية في مختلف محافظات المملكة ،استمعت خلالها لعدد كبير من الأفكار والأراء الهادفة الى تعزيز منظومة النزاهة الوطنية لغايات الخروج بميثاق وطني وخطة تنفيذية ذات اطار زمني محدد لتحديث وتطوير هذه المنظومة.
ما رأيناه مختلفا في عمل هذه اللجنة عن غيرها من اللجان العديدة التي سبق وأن شكلت ، حرصها في الحصول على أكبر قدر ممكن من الأفكار ،والتركيز على الأستماع الى المقترحات اكثر من التركيز على القاء التوجيهات والمحاضرات،والذهاب الى المواطنين في محافظاتهم اكثر من الأعتماد على العمل المركزي،والتأكيد بأن الأفكار جميعها ستلقى العناية الكاملة وسيعاد بحثها من قبل اللجنة ،وليس مجرد لقاء ينتهي اثره بأنتهاء الجلسة.
ولا شك ان كلما اوسعت اللجنة نطاق لقاءتها كلما حصلت على افكار واراء ومقترحات جديدة ،فموضوع تعزيز النزاهة الوطنية لا يقتصر على القطاع العام ،بل يشمل القطاعين العام والخاص،ولا يقتصر على فئات عمرية محددة بل يشمل كافة الفئات العمرية بما فيها الطلاب والشباب خاصة وان المجتمع الأردني يتسم بأنه مجتمع شبابي ،كما لا يقتصر على المسؤولين في الدولة بل يشمل كافة المستويات الوظيفية ، فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك من الموظفين من يشكوا من عدم شفافية ونزاهة الترقيات والترشيحات التي تتم لشغل الوظائف المتوسطة والمتقدمة داخل دائرته اوخارجها ويأمل ان يكون هناك نزاهة اكبر بهذا الموضوع ،وهناك من المواطنيين من يتساءل دائماعن المحسوبيات في التعيينات التي تتم هنا وهناك ويأمل ان يرى نزاهة وشفافية اكبر في تلك التعيينات ،وهناك من الطلبة خاصة الجامعيين منهم من تولدت لديه انطباعات بأن علامة الطالب الدراسية تحكمها في العديد من الأحيان علاقة الطالب بالمدرس اكثر من اعتمادها على الجهد الدراسي للطالب ويأمل ان يكون هناك ضوابط تحد من ذلك وتزيد من شفافية ونزاهة العملية التعليمية،وهناك من المواطنيين من يطالب بنزاهة اكبر في موضوع المعونات المالية والدراسية التي تقدم للمستحقين ،وغيرها من القضايا التي لا يمكن حصرها الا من خلال الية تبقي عملية تقديم المواطن لشكواه او معاناته او مقترحاته الى الجهة المعنية بالنزاهة الوطنية مستمرة وليس محددة بوقت ما ..
هناك اهمية كبيرة لتعزيز النزاهة الوطنية ،فهي تعمل على زيادة ثقة المواطن في مؤسسات الدولة ،وزيادة انتماءه لوطنه وزيادة عطائه ،كما انها تعمل على الحد من الفساد،وتزيد من ثقة العالم الخارجي بالوطن مما ينعكس على زيادة الأستثمار وبالتالي زيادة النمو الأقتصادي الذي يؤدي الى تحسين مستوى معيشة المواطن ،لذلك لابد ان تركز المنظومة ايضا على تمكين الطلبة في المدارس والجامعات من الحصول على المعلومات الكافية المحيطة بموضوع النزاهة الوطنية من خلال افراد مواد دراسية خاصة واقامة المؤتمرات والندوات وورشات العمل التي من شأنها ان تعمق مفهوم النزاهة لديهم ، بهدف رفد سوق العمل بكوادر مؤهلة اكثر احاطة بمفهوم النزاهة قبل ذهابهم الى سوق العمل وممارستهم للأعمال والمهام سواء في القطاع العام و الخاص .
مايهم المواطن في النهاية هو التنفيذ ،وهو متعطش ان يرى ماتم بحثه من افكار خلال اللقاءات على ارض الواقع ،ومتخوفا من ان تكون اعمال اللجنة ردة فعل لما يجري على الساحة المحلية والعربية وأن تنتهي اعمال اللجنة بمجرد اطلاقها للميثاق كما تم في بعض اللجان التي سبقتها ، ومتخوفا ايضا من قيام من قد تتأثر مصالحهم من جراء تعزيز النزاهة الوطنية بمقاومة تنفيذ ذلك ،لذلك يؤمل ان يتضمن الميثاق الوطني اجابات حول ما يدور في ذهن المواطن من تساؤلات حول القواعد التشريعية التي ستضمن تنفيذ بنود الميثاق المقترح؟وماهي اليات الرقابة على الالتزام ببنود الميثاق ؟ و الجهة التي ستتابع التنفيذ وأجراء التقييم الدوري لمدى الألتزام بالتنفيذ ؟والجهة التي ستقوم بالتعديل الدوري في ضوء التطبيق العملي على ارض الواقع ؟
الاحد 2013-10-06