اول حركة ‘إنشقاق’ في جماعة الأخوان المسلمين


أخبار البلد - 
يمكن القول بأن الإعلان خلال يومين فقط عن إشهار ما يسمى في الأردن بمبادرة زمزم المنبثقة عن الأخوان المسلمين كتيار يدعو علنا لإصلاح التنظيم بمثابة خطوة سياسية مباشرة تمهد لواحد من أضخم وأوسع مشاريع الإنشقاق في جماعة الأخوان المسلمين على صعيد نسختهم المحلية في الأردن.

يفترض حسب الجدول المعلن أن يرعى قادة مبادرة زمزم حفل إشهار خاص اليوم السبت سيتم خلاله الإعلان عن وثيقة المبادرة وطبيعة وتركيبة أهدافها المبرمجة مع طبيعة الروابط التنظيمية التي تربط بينها وبين التنظيم الأم.

يمكن بوضوح وكما يلاحظ الناشط السياسي محمد خلف الحديد بأن الإعلان عن إشهار المبادرة سيتم في عمان بحضور نخبة عريضة من الشخصيات الأخوانية وفي ظل تواصل أزمة الحوار بين مؤسسات القرار الأردنية والمكتب التنفيذي لجماعة الأخوان المسلمين.

مبادرة زمزم كما أوضح القيادي البارز فيها الدكتور أحمد الكوفحي ليست إنشقاقا عن الأخوان المسلمين بقدر ما هي محاولة لمجاراة الواقع والمستجدات والإصلاح.

الكوفحي أبلغ في وقت سابق  بأن العلاقة بين المبادرة والتنظيم الأخواني بدأت متوترة لكن البوصلة ستسير بإتجاه وقائع جديدة على الأرض.لم يحدد الكوفحي هذه الوقائع لكنه أشار لاحقا لإن مؤسسات الأخوان المسلمين التي إرتابت في البداية بالمبادرة ووثيقتها تصبح أكثر قدرة على هضمها بمرونة بعدما أصبحت واقعا موضوعيا مشيرا الى ان الهدف من المبادرة الإصلاح على المستوى الوطني وليس التأسيس لحالة إنشقاق من أي نوع ملمحا ان بعض الأخوة في الحركة الإسلامية أعضاء كغيرهم في مبادرة زمزم وليس كل المبادرة من الأخوان المسلمين.

اللافت في السياق أن إشهار المبادرة حصل عمليا سابقا لكن تنظيم حفل علني وتحديد موعد له مرتبط على الأرجح بضوء أخضر من السلطات العليا في الدولة الأردنية التي تدعم محاولات ‘تجديد’ الخطاب في التيار الأخواني.

واللافت أكثر سياسيا أن حفل الإشهار المشار إليه مبرمج زمنيا في سياق الإتجاهات الإقليمية المضادة علنا بجماعة الأخوان المسلمين، الأمر الذي يدفع الكثيرين من أعضاء الأخوان المسلمين عمليا لمغادرة مساحات الحياد والإنضمام للمبادرة أو تجنب إعاقتها تحت إنطباع توفيرها مظلة تشكل ملاذا للهروب من إستحقاقات الواقع الإقليمي.

زمزم بهذا المعنى وإن كانت تعبيرا مباشرا عن إنشقاق ملموس وناعم داخل التنظيم الأخواني الأعرض في الساحة الأردنية إلا أنها في الوقت نفسه توفر قدرا من المرونة لكل الحريصين من كادر الأخوان المسلمين على ملاعبة أو تضليل أو حتى مواجهة إستحقاقات المرحلة التي يبدو فيها أن قرارا إقليميا ودوليا قد إتخذ بضرب الأخوان المسلمين في المنطق على رأي الكاتب الإسلامي حلمي الأسمر الذي يعبر بدوره عن مخاوفه من أي يؤدي ذلك للمزيد من العنف والتشدد والفوضى والإستقرار في أكثر من بلد عربي.

أغلب التقدير بهذا المعنى أن لحظة إشهار مبادرة زمزم الملتبسة سياسيا تعبير غير مباشر عن توقيت مناسب مرحليا لدعم خيارات إنسلاخ أجسام ومؤسسات جديدة بالنكهة الإسلامية عن التنظيم الأخوان العريض.

يحصل ذلك فيما كان رئيس الوزراء الأردني عبدلله النسور قد أخبر ‘القدس العربي’ بأن حكومته ستحاور حزب جبهة العمل الإسلامي التابع للأخوان المسلمين كبقية الأحزاب وضمن سياقات وزارة التنمية السياسية مشيرا الى ان حكومته لن تدلل الأخوان المسلمين كما كان يحصل في الماضي ولن تخصص لهم قناة مستقلة للحوار.

بعد كلام النسور وجهت قيادات اخوانية عدة نداءات قالت فيها أنها تريد الحوار مباشرة مع مؤسسة القصر الملكي لكن دون حصول إستجابات من أي نوع على هذا الصعيد.

في الوقت نفسه إنتهت جلسة حوارية بين قادة حزب جبهة العمل الإسلامي ووزير التنمية السياسية خالد كلالدة بعدم الإتفاق على أي أجندة من أي نوع حتى أن الكلالدة أطلق بعد الحوار تعليقات ساخرة عن إصرار الإسلاميين على خطاب ديني محض لا ينتمي للخارطة الحزبية.

بالنسبة لأوساط حركة زمزم سينضم أكثر من نصف كادر الأخوان المسلمين للنسخة الجديدة المعدلة على المقياس الإقليمي للتجربة وسيوجد شركاء من كل الأطياف الوطنية.

وبالنسبة لقادة مؤسسات التنظيم الأخواني لا يسمح المجال بمحاكمات حزبية كان قد هدد بها الرجل الثاني في التنظيم الأخواني الشيخ زكي بني إرشيد عندما أشار علنا الى ان المؤسسات الأخوانية ستعاقب بالفصل كل من يخالف الأنظمة الداخلية.

المعنى واضح اليوم فحفل إشهار زمزم في محصلة اي قراءة سياسية محايدة وموضوعية يكرس القناعة بولادة أول حركة إنشقاق حقيقية في النسخة الأردنية من التنظيم الأخواني الدولي وبدون خسائر فيما يبدو هذه المرة.