الحكومة لمّا تمزح!

وفقاًلموقع الشبكةالعربية لمعلوماتحقوق الإنسان،فإنّ المدّعيالعام لمحكمةأمن الدولةأمر بتوقيفثلاثة نشطاء، 15 يوماً، على ذمّة التحقيق؛بعد أن وجّه لهم تهمة "تعكيرصفو العلاقاتمع دولةعربية شقيقة" (هي مصر).يحيل الخبرنفسه السببفي توجيههذه التهمةلكل من أيمن البحراويوضياء الدينالشلبي، إلى أنّهما ألصقاشعارات "رابعةالعدوية" في شارع بجبلالمنارة في عمان (في إشارة إلى الاعتصام الذيفضّه الجيشالمصري بالقوةقبل شهرينفي ميدان "رابعة العدوية"، ثم ظهرتالإشارة المعروفةبالأصابع الأربعةفانتشرت في أرجاء العالم). بينما اعتُقلهشام قفيشة (الطالب في كلية الإعلامفي جامعةالزرقاء) بتهمة حيازة هذه الملصقات!عندما سمعت بخبرالاعتقال، ظننتفي بدايةالأمر أنّ المسألة هي مجرّد إشاعةأو مجردتحقيق وتهديدلهؤلاء الشباب. لكن تبيّنلاحقاً أنّهتمّ بالفعلتوجيه تهمةلهؤلاء الشباب،وهي تهمةتطاول على الأقل مئاتالآلاف من الأردنيين، وتصادرالاعتراف بحقهمفي التعبيرعن رأيهم،حتى في شأن خارجي. هذا فضلاًعن أنّهاتمسح عن الوجود الفريقالشعبي والسياسيالمصري العريضوالواسع الرافضللانقلاب، والذيأصبح شعار "رابعة" بمثابةرمز له!من الصعوبةأن نأخذهذه التهمةفعلاً على محمل الجدّ. إذ بعيداًعن المسارالقضائي، ومن حيث الدلالةالسياسية والديمقراطيةوالحقوقية، فإنّتوجيه هذه التهمة للنشطاءالثلاثة يدفعنيإلى مطالبةالسلطات العبقرية (التي وقفتوراء هندسةهذه الورطةالسياسية)، إلى القيام فوراًباعتقال آلافالنشطاء الأردنيينالذين استبدلواصورهم على مواقع التواصلالاجتماعي بإشارة "رابعة العدوية". وتستطيع السلطاتبسهولة، بما تمتلكه من خبرة أمنية،التعرّف عليهم،والتقاطهم واحداًتلو الآخر،من مهندسينوأساتذة جامعاتوأطباء وطلبةومحامين..!بل إنّني أطالبالسلطات باستغلالوجود المطربالمعروف محمدعساف، واعتقالهوتوجيه هذه التهمة له؛ إذ نقلتوكالات الأنباءصورته وهو يرفع أصابعهالأربعة، تأييداًلشعار "رابعةالعدوية"!وطالماأنّنا عدناإلى القوانينالعرفية التيتتحدّث عن الإساءة للدولالشقيقة وزعمائها،فإنّني أطالببأن يتم اعتقال المعارضةالأردنية المؤيدةللثورة السورية،واعتقال الوزراءالذين يلتقونبالمعارضة السوريةوينسّقون معها،بتهمة "تعكيرصفو العلاقاتمع دولةشقيقة". والتهمةذاتها تنسحبعلى وزيرتحدّث عن اعتماد التنسيقمع سفارةالائتلاف الوطنيالمعارضة في قطر، من أجل تسييرشؤون اللاجئينالسوريين في الأردن!أن يصبح شعار "رابعة العدوية" تهمة، فهذابالتأكيد ليس أكثر من مزحة. إذ إنّ الملكدعا أكثرمن مرّةإلى إلغاءعقوبة "إطالةاللسان على المقامات السامية"، التي تنالهشخصياً، ووجّهالحكومة لتعديلقانون محكمةأمن الدولةلينسجم مع التعديلات الدستوريةالتي تُخرجقضايا الحرياتالعامة وحق التعبير من دائرة اهتمامالمحكمة، وتقصرهاعلى جرائممرتبطة بتزويرالعملة والإرهابوالمخدرات وما شابهها!قصة اعتقال هؤلاءالناشطين، واستمراراعتقال ناشطينسابقين، يضربانأي معنىلمصداقية الخطابالرسمي في الصميم، ويثيرانالتساؤلات حول العقلية التيتدير ملف السياسات الداخلية،فيما إذا كانت عقاربالساعة لديهاقد وقفتعند العقودالسابقة ومنطقالأحكام العرفية!