البخيت من اشد المؤيدين للمتقاعدين العسكريين والمروج لسحب الجنسيات من جميع الاردنيين من اصول فلسطينية


أخبار البلد- قبل أيام فقط من تكليفه برئاسة الوزراء في الأردن أدلى الدكتور معروف البخيت وعلى هامش مناسبة إجتماعية بعبارة غامضة عندما سأله أحد الحاضرين عن رأيه كخبير بالصراع ومفاوض بتعليمات فك الإرتباك وجدل سحب الجنسيات.
رئيس الوزراء المكلف معروف البخيت
آنذاك إعتبر الرجل بأن الطريقة التي صيغت فيها تعليمات فك الإرتباط تنطوي على مؤامرة على المملكة وبعد الإستفسار إمتنع الرجل عن التوضيح والشرح لكن من السياق يمكن تلمس قناعته بان فك الإرتباط كان ينبغي ان يصدر كقانون من البداية وليس كتعليمات عبر صيغة ملتبسة لقرار سياسي.
وفي كل حواراته التي سبقت التكليف ثم تشكيل الطاقم كان البخيت يأخذ على الذين ينتقدون سحب جنسيات أردنيين من أصول فلسطينية إصرارهم على تجاهل حقيقة موازية وهي ان بعض الحكومات الأردنية توسعت في منح الجنسية لألاف من أبناء الضفة الغربية.
على نحو أو آخر يعتقد ان البخيت وهو رجل مثقف ومتابع عن كثب لكل تفاصيل الصراع العربي الإسرائيلي من الداعمين الخلفيين لطروحات بعض رموز اليسار والحركة الوطنية والمتقاعدين الذين يعملون على الإنفصال التام عن الضفة الغربية وقوننة تعليمات فك الإرتباط بل ودسترتها أيضا حفاظا على الهوية الوطنية الأردنية وعلى الحقوق الوطنية الفلسطينية.
البخيت لا يصرح بذلك علنا- يقول أحد المقربين منه للقدس العربي- لكنه يؤمن بالإنفصال عن الضفة الغربية أكثر من الإلتصاق بها وينظر للأمر بين الحين والأخر فعندما رافقته القدس العربي عام 2006 في زيارة كرنفالية لأحد مخيمات اللاجئين وقف أحد اللاجئين وطرح السؤال التالي : ما شاهدته اليوم في المخيم يثبت ان الأردنيين من أصل فلسطيني يريدونكم فهل تريدونهم؟.
تجنب البخيت إجابة مباشرة على السائل لكن عندما أبلغته القدس العربي بأنها تستنج من الجولة بأن اللاجئين يؤمنون بوحدة الضفتين والمصير الواحد ويريدون الدولة الأردنية علق البخيت بعبارة واحدة امام أركان حكومته المرافقين حيث قال: هذا كلام خطير للغاية .
ومشكلة البخيت بنسخة حكومته الثانية ان جميع الأطراف في المعادلة المحلية والسياسية ستضغط عليه لتحديد موقف منهجي وقاطع من مسألة فك الإرتباط وسحب الجنسيات وإذا كان الرجل سيلجأ للمراوغة تفاعلا مع متطلبات موقعه كرئيس حكومة فالنتيجة قد لا تكون محسوبة.
واليوم لا يوجد إطار واضح لإستراتيجة محددة يفترض ان خبير عملية السلام اتى بها عندما شكل وزارته الطازجة وهي إستراتيجية يترقبها الجميع فالقيادي الإسلامي المعارض زكي بني إرشيد أبلغ القدس العربي بان حواراته شخصيا وبعض رفاقه مع لجنة المتقاعدين التي تتخذ موقفا صلبا من قصة فك الإرتباط إنتهى لتسوية معقولة فقد وافق الإسلاميون على رفض (تجنيس) المزيد من الفلسطينيين مقابل موافقة المتقاعدين على وقف مطالباتهم بسحب المزيد من الجنسيات.
.. حتى هذه التسوية قد لا تصمد ما دام المتقاعدون قد علموا الأن بأن صديقهم ورفيقهم البخيت أصبح رئيسا للوزراء فهم على الأرجح سيسعون مع القوى المؤمنة مثلهم بقصة قوننة الإرتباط لإستثمار العلاقة مع وزارة البخيت لتكريس نظريتهم وتسويق موقفهم العلني الذي يربط بين أي دعوة لإغلاق دائرة المتابعة والتفتيش في وزارة الداخلية وبين مؤامرة على الأردن.
وهذا الإغلاق تحدث عنه وزير الداخلية الأسبق سعد السرور مباشرة مع القدس العربي كما تحدث عنه القصر الملكي في مشاورات مع النواب بعدما صدرت توجيهات لم يلتزم بها الموظفون لاحقا تقضي بتجميد سحب الجنسيات وشطب القيود المدنية.
الأجندة التي تسربت من كل مشاورات وكواليس الإجتماعات التشاروية الأخيرة ومن الحكومة السابقة في أيامها الأخيرة تؤشر بوضوح على ان القرار السياسي إتخذ بأن لا تستغل تعليمات فك الإرتباط بعد الأن لسحب جنسيات الناس وإثارة القلاقل في صفوف المجتمع.
والمعرفة بشخص وأفكار البخيت العلنية تقرر بان الرجل شخصا وممارسة في الخندق المناهض لمثل هذه الأجندة وتحالفاته حتى بعد تشكيل وزارته الثانية تأسست أصلا على قناعاته بأنه من الجبهات الوطنية الصلبة المنظرة لسحب الجنسيات ولقوننة فك الإرتباط.
وذلك لا يعني إلا حقيقة واحدة فقط وهي ان وزارة البخيت الجديدة عالقة أوستعلق ما بين التصورات الملكية التي تحاول طي صفحة قصة الجنسيات بكل ما تثيره من خسائر وتداعيات وبين القناعات الشخصية لرئيسها وتركيبة تحالفاته لممارسة عمله وسط قناعة الجميع بأن مصير مسألة (فك الإرتباط) ينبغي أن يتقرر وبصورة حاسمة ونهائية ليس فقط بسبب ما يثيره من حساسيات وجدالات داخلية ولكن أيضا بسبب التداعيات الإقليمية والدولية الخطيرة في المنطقة والعالم.
وهذا الحسم على صورة من إثنتين لا ثالث لهما فإما تكريس فك الإرتباط أو العودة سياسيا وتشريعيا لصياغات الإرتباط وفي أبعد السيناريوهات الإلتصاق فبقاء ملف الجنسيات وفك الإرتباط على وضعه الحالي لم يعد ممكنا وهذا ما يقوله مسئولون رفيعون في كل المؤسسات وحتى في القصر الملكي .
وهو وضع يمكن تلمسه بكل الأحوال من المقاومة البيروقراطية اليومية لتوجهات وتعليمات مؤسسات القرار المرجعي فرغم صدور قرار سياسي قاطع بتجميد سحب الجنسيات في عهد الوزير السرور لا زالت الجنسيات تسحب وعلى أهون الأسباب وبقرارات من موظفين صغار تدعمهم تصورات وطنية لماكينة البيروقراطية في الدولة وأجهزتها.