أوراق القوة السورية


ثلاثة أوراق تملكها سوريا ، حالت دون إسقاط نظامها السياسي ، وهزيمته أمام قوة المعارضة المسلحة ، وتناميها ودعمها من قبل تحالف قوي قادته ، ولا تزال ، واشنطن مع تركيا ، وأثرياء المنظومة الخليجية ، والمجموعة الأوروبية ، وهو تحالف يهد الجبال قبل الرجال .

قوة الأوراق السورية ، هي التي جعلت نظامها صامد لأكثر من ثلاثين شهراً ، دمرت الناس والمساكن والإقتصاد والحياة وأضعفت الجيش ، وقسّمت الشعب السوري إلى طوائف ، وحولته من الإستقرار ، إلى اللجوء والجوع ، وتلاشي الأمن ، وفقدان الأمل .

ورقة سوريا الأولى التي تملكها تتمثل بوجود جبهة إقليمية ممتدة من إيران ، وجزء من النظام العراقي ، وحزب الله ، وهي روافع عملية ، وفرت لنظام حزب البعث الحاكم ، إستمرارية الصمود ضد حرب عصابات مسلحة ، متمكنة ، وأصحاب خبرة ، وسيارات مفخخة متفجرة ، وقصف عشوائي ، مثلما وفرت لها التعويض عن حالة الأستنزاف المالي والعسكري والبشري الذي يعاني منه النظام ، ويواجهه .

أما الورقة الثانية ، فهي وجود أنظمة مجاورة ليست معادية للنظام السوري ، وليس لديها الرغبة في التورط في أي عمل ، يمكن أن يسبب له الوجع ، أو تقديم الدعم المنظم للمعارضة المسلحة ، وتوسيع شبكتها وحركتها ضد النظام ، فالأردن ولبنان والعراق ليس لديهم ما يحفزهم لإتخاذ سياسات أو إجراءات تسمح بتسلل المعارضة المسلحة ، أو تزويدها بوسائل القتال ، أو أن تكون محطة خلفية لوجستية داعمة كما هي تركيا للمعارضة .

أما الورقة الثالثة فهي الإنحياز الروسي الحازم لسوريا من أي محاولات أميركية لإنتزاع قرارات دولية تشكل غطاء للتدخل الأجنبي ، أو الأعتداء المسلح ، كما حصل في تجربتي العراق وليبيا ، لقد حمت روسيا ومعها الصين سوريا ، ووفرت لها مظلة تمنع إصدار أي قرار ضدها يسمح بمسها أو إيذائها .

ثلاثة اوراق ، مكنت سوريا من الصمود في مواجهة جبهة محلية إقليمية دولية قوية ، مثلما وفرت لها القدرة على التصدي للمعارضة المسلحة ، بل والمبادرة الميدانية لتقويض أعمالها وتحمل ضرباتها ، وتقليص وجودها ، وتطويقها في مناطق ضيقة .

أوراق ثلاثة لم تتوفر للعراق وليبيا ، ومن قبلهما أفغانستان ، سهلت للولايات المتحدة مهمة إسقاط أنظمتهم بيسر وسهولة ، فسقوط أنظمة البلدان الثلاثة لم يعتمد على قدرات الولايات المتحدة وتفوقها وحسب ، بل لعدم توفر الأصدقاء المساندين والمجاورين لهم ، فتم حشرهم في زاويا ضيقة أمام البلدوزر الأميركي الذي إنقض عليهم ، وإذا تذكرنا تجربة فيتنام التي توفر لها ما هو أكثر مما توفر لسوريا من فيتنام البلد الفقير الذي إستطاع ليس فقط الصمود أمام القصف الأميركي ، بل توفر لها عوامل وأدوات إستطاعت من خلالها ، عبر الدعم السوفيتي والصيني ، إلحاق الهزيمة بالجبروت الأميركي .

h.faraneh@yahoo.com