أين يقف الأردن؟

لا تُخفي دول عربية وخليجيةعلى وجه التحديد، قلقها،لا بل وصدمتها من التقارب الإيرانيالأميركي.الأسبوع الماضي حمل مفاجآت غير سارة لتلكالدول، تمثلتفي اجتماعبين وزيريخارجية إيرانوأميركا، تبعهاتصال هاتفيغير مسبوقمنذ ثلاثةعقود بين الرئيس الأميركيونظيره الإيراني،أفضى إلى تفاهم أوليللبدء بحوارثنائي لتسويةالخلاف حول ملف إيرانالنووي.والظاهر في العلنمن الاتصالاتبين البلدينهو مجردنقطة في بحر المراسلاتالسرية، على ما تدّعيمصادر صحفيةودبلوماسية غربية،ستنتهي إذا ما تكللتبالنجاح، بصفقةتاريخية، تشملإضافة "للنووي"، الملف السوري.الدبلوماسية الخليجيةتحركت بفاعليةفي واشنطنفي الأيامالأخيرة، سعياإلى أجوبةحول مغزىالتحول في الموقف الأميركيتجاه إيران،وحدود التفاهمالمحتمل. لقاء وزير الخارجيةالأميركي جون كيري، مع نظرائه الخليجيين،إلى جانبوزراء عرب أبرزهم الأردني،في نيويوركقبل أيام،تمحور حسب المصادر الصحفيةحول هذا الموضوع.منذ الاتفاق الروسيالأميركي حول ملف الأسلحةالكيماوية السورية،برزت ملامحتفاهم أوسعحول قضاياالمنطقة؛ وجودرئيس معتدلوإصلاحي في ايران، وفّرالفرصة لاختراقكبير ينتهيبما بات يعرف بالصفقةالكبرى.إسرائيل منزعجة للغايةمن السلوكالأميركي. وتعكس تحليلات الصحافةالإسرائيلية ذلك بوضوح؛ فهي تخشى من اتفاق يكرسإيران دولةنووية في المنطقة. هذا الاحتمال مستبعدبالطبع؛ فما من إدارةأميركية تسمحبتهديد أمن إسرائيل على المستوى الاستراتيجي. لكن إسرائيل،كحال دول عربية، متلهفةلسماع توضيحاتأميركية بشأنخطوات الإدارةالأميركية تجاهإيران.الوصول لتسوية سلميةلملف إيرانالنووي، ينسجمتماما مع الموقف الرسميالأردني الذيطالما أكدهكبار المسؤولين. لكن في مداولات نيويوركحول الموضوع،بدا أن الدبلوماسية الأردنيةفي حالةتضامن مع الدبلوماسية الخليجية؛ "السعودية والإماراتية" خصوصا. ساند الأردن بقوةالدول الخليجيةفي مواقفهاالمتشددة تجاهإيران. وبمناسبة، وأحيانا بدونمناسبة، لم تبخل الدبلوماسيةالأردنية في انتقاد التدخلاتالإيرانية في شؤون الدولالخليجية، والوقوفإلى جانبالإمارات العربيةالمتحدة في مطالبها باستعادةالجزر من إيران.العلاقات الأردنية الإيرانيةعموما ظلت على الدوامرهينة الاعتباراتالخليجية بالدرجةالأولى، وبدرجةأقل الموقفالأميركي.لكن من الصعبعلى الأردنالذي ينخرطفي تحالفاستراتيجي وثيقمع الولاياتالمتحدة، أن يعارض الاتصالاتمع إيرانبنفس الوتيرةالخليجية.هناك حاجة للتفكيربمقاربة جديدة. صانع السياسةالخارجية الأردنيةأثبت قدرتهعلى التنبؤبالتطورات المحتملةفي الإقليم،ولعل الموقفمن الأزمةالسورية خير مثال على ذلك.اليوم، لم يعد بوسعنا أن نتجاهل التبدلاتالجارية في الموقف الأميركيتجاه مختلفقضايا المنطقة. ويتعين النظرإلى التفاهماتالروسية الأميركيةعلى نحو جدي، لأنهاعلى ما يبدو ترسممسارا جديداللصراعات والتحالفاتوالتسويات على مستوى الإقليمكله، لا يُعرف بعد من سيكونالخاسر والرابحفيها.سيتأثر الأردن مثل غيره من دول المنطقةبالتغيرات المحتملةفي السياسةالأميركية، وهو المعني أكثرمن غيرهبتسوية سلميةللأزمة السورية،وتجنب حرب إقليمية بسببالنووي الإيراني. هنا تكمنمصالحه على المدى البعيد،وعليه أن يتصرف وفق هذه المصالح.