مراكز الدراسات والأبحاث وهذه الملاحظات

في الوقت الذي تنتشر فيه عشرات المراكز البحثية حيث يقوم أساتذة الجامعات الأردنيون داخل الوطن وخارجه بإجراء دراسات وأبحاث لدول عربية وصديقة ويتم الأخذ بها وتطبيقها، نرى الأمور عندنا تختلف اختلافا كبيرا، إذ لو تم جمع المبالغ التي أنفقت على الدراسات لبلغت عشرات الملايين من الدنانير، في حين ان الاستفادة من هذه الدراسات تكاد تكون محدودة للغاية. والذي يبدو أن هذه الدراسات التي تتم احالتها في معظم الاحيان دون حاجة لها، تستهدف في الدرجة الأولى افادة بعض المكاتب والمقربين من المسؤولين في العديد من الوزارات والدوائر الحكومية.
معظم الدراسات التي جرت على مدار عشر سنوات على موضوع الفقر والبطالة، والتحديثات التي جرت على هذه الدراسات كلفت خزينة الدولة مبالغ كبيرة، دون ان تكون هناك اي جدوى منها سواء في تحديد خط الفقر، او المناطق الاكثر فقرا، او حتى الحلول العملية للتغلب على هذه المشكلة المزمنة او حتى الحد منها، في حين لو تم انفاق هذه المبالغ بمنح قروض لاقامة مشاريع صغيرة للفقراء، او تأهيلهم لكنا أضأنا شمعة في حلكة الليل.
الدراسات التي أجريت لاستخراج النحاس والصخر الزيتي كلفت الخزينة على مدار العقدين الماضيين عدة ملايين من الدنانير، وكانت الدراسات السابقة للنحاس قد أثبتت انه ليس هناك جدوى اقتصادية من استخراج النحاس بكميات تجارية وكان يتم تجديد هذه الدراسات.
مبالغ كبيرة انفقت على مركز تطوير البناء في الاردن لكن شيئا عمليا لم يخرج الى أرض الواقع، وان أي جهة حكومية لم تصل الى معادلة من شأنها تخفيض كلفة البناء، واستعمال المواد الطبيعية القريبة من مشاريع الاسكان الكبيرة لتوفير السكن المناسب، وبأقل كلفة.
نحن لا نقلل من اهمية الدراسات والابحاث، لكننا ندعو أولا الى استغلال الجمعية العلمية الملكية والجامعات الاردنية، واساتذة الجامعات في اجراء مثل هذه الدراسات التي تندرج تحت مظلة البحث العلمي، والدراسات الميدانية التي تعتني بها الجامعات الاجنبية، حتى ان اهم الدراسات عن البيئة واستخراج الموارد الطبيعية، والدراسات الاجتماعية واقامة مشاريع الكهرباء، وناطحات السحاب واستغلال الصحاري والمناطق الجافة، والزراعات النموذجية يقوم بها اساتذة الجامعات الكبيرة في الدول المتقدمة ايضا، فاننا لسنا بحاجة الى اجراء أي دراسة غير ضرورية لأنها تصب في أبواب هدر أموال الدولة.