حكومة رفع الاسعار

من كان يملك ناصية العقل والمعقول ويصدق مسالك حكومة الدكتور عبدالله النسور التي غدت تنذر بالوقوع في مهالك اجتماعية لا حصر لها تحت وقع انجاز خاص يحسب لها في زمن كثرت فيه الآهات والعاهات الاجتماعية و الكوارث الاقتصادية و تفشي ظاهرة الفساد المالي و الإداري ،حكومة لم نشهد لها إلا السباق المحموم نحو الرفع من الأسعار و في الوقت الذي كان الكل ينتظر آن تشكل الاستثناء في كل شيء ،لكنه استثناء بصيغة السلبية في تنكر تام لوعودها وعهودها خصوصا في المجالين الاقتصادي والاجتماعي و التغيير و الإصلاح و مكافحة الفساد،فهي حكومة اقل ما يمكن أن يقال عنها أنها حكومة تدبير رفع الأسعار وإلقائها على ثقل وكاهل المواطن البسيط الذي يصارع قوت يومه,rnrnفلم يعد المواطن يستفيق من لطمة رفع سعر إلا ويلقى لكمة رفع سعر آخر في زحمة الضيق وشظف العيش وارتفاع مستوى المعيشة .rnrnفقد كان الرهان الحقيقي على حكومة الدكتور عبدالله النسور هو رفع الأثقال الاجتماعية عن المواطنين وليس الزج بهم في غياهب دفع فاتورات إضافية يقتطعونها من الماء والخبز ،ومن منا لا يتذكر نبرة التفاؤل المفرطة التي حملتها اسطر ومضامين برنامج الحكومة ،الحد الأدنى من الأجور 300دينار والوصول إلى حدود 3 بالمائة من النمو الاقتصادي ،فبعد مضي الوقت ثبت بالملموس أنها مجرد أضغاث أحلام ارتطمت بصخرة الواقع ،وبدل أن تجتهد الحكومة في اتجاه ابتكار حلول وبدائل تنصف الفئات العريضة من الشعب الاردني وتهون عليها مصاعب الحياة اليومية ذهبت في الاتجاه المعاكس وركبت موجة الزيادة وتدبير الأزمات من الجيوب التي تئن تحت وطأة الفقر ،بفعل اعتماد المقاربات المحاسباتية /التقنوية التي طالما ظلت تحت مرمى نيران رئيس الحكومة في عهد ممارسته للمعارضة ،فأصبح بدوره ينهج منطق التبرير اليومي بشكل مفضوح مثل الحكومات السابقة .rnrnولعل في تبوء الدكتور عبدالله النسور منصب قيادة وريادة العمل الحكومي عرى الكثير من الخطابات الطوباوية التي كان يمثلها والتي استطاع بفعلها أن يكسب فئات عريضة من المواطنين ،لكن فعل الزمن السياسي وتغيرات التموقعات وتدبير الشأن الحكومي اثبت انه رئيس حكومة لا يختلف كثيرا عن رؤساء الحكومات الأخرى .rnrnوقد تأكد بالملموس أن جل المقاربات التي فسرت على أن قيادة الدكتور عبدالله النسور للحكومة لا يخرج عن سياق تدبير مرحلة من خلالها يتم فرملة وكبح جماح تداعيات الربيع العربي الديمقراطي ،تحت الشعار الذي رفعه وهو التغيير والإصلاح في إطار الاستقرار ،لينخرط بعد ذلك في لجم الإصلاح في حد ذاته والانقلاب الجذري عن قناعاته وشعاراته ومبادئه وينساق مع تيار الممانعين في حدوث الإصلاح ويتحالف معهم ،بفعل جملة من الممارسات بداية من رفع الأسعار المحروقات وإخضاعها لمنطق المقايسة التي تبقى محكومة بأسعار المحروقات على المستوى الدولي دون اللجوء إلى قرار حكومي ،مع الاستمرار في نهج رفع الاسعار بداية من المحروقات و صولاً للخبز و حليب الاطفال وما خلقه من ارتباك حكومي حقيقي وسط رفض الشارع لسياسة رفع الاسعار،و التي تجلت في تضييق الخناق على حياة المواطنيين وارتفاع مستوى صبيب الهراوات في التعامل مع المحتجين والتنصل من التزامات و وعود حكومية في محاكمة الفاسدين ومعاقبة من يثبت تورطه مهما كان منصبه و موقعه و الدخول في معارك مع الفاسدين الذين يمصون دم هذا الشعب بشكل يومي،وأضف إلى كل هذا الجري وراء التحالف مع عدو الأمس ،في سعي وراء الاستمرارية في الحكومة وبأي ثمن اجتماعي أو سياسي ،والمسالة من ينظر إليها بمنظار البراغماتية السياسية الضيقة يرى الأمر طبيعي جدا مادام التحالف ولد مشوها في أصله وفصله،ومن الطبيعي أن يستمر.rnrnإن كل المجالس النيابية و الأحزاب التي تتبوأ مركز الصدارة وتقود العمل الحكومي في الديمقراطيات المقارنة تحاول جاهدة الاجتهاد والابتكار في المجال الاجتماعي لرفع الحيف والضغط على المواطنين وتكون وفية لبرنامجها وتحاول أن تحقق الحد الأدنى من مقتضياته في انسجام مع المطالب الاجتماعية على الرغم من جسامة التحديات ،ومجرد ما يكون هناك فشل آو اكراهات اكبر منها تلجا إلى إعمال منطق المسؤولية السياسية من تلقاء نفسها وتعلن عن فشلها الذي يعتبر جزء من المسؤولية ويعبر عن قوة واحترافية العمل الحكومي ،أما أن يستمر السير الحكومي معوج ولا طائلة منه فهو دليل على أن الحكومة تفكر بمنطق ضيق جدا ولا تهمها المصلحة العامة في شيء ،فالاعتراف بالخطأ فضيلة أخلاقية وسياسية .