صناديق مالية: من السابق لأوانه العودة للاستثمار في مصر
لندن - ما يزال مديرو صناديق الاستثمار مترددين في أخذ مراكز استثمارية جديدة في مصر على الرغم من اقتناعهم بالاحتمالات الطويلة الأجل لاقتصاد البلاد نظرا لزيادة المخاوف ألا يكون نقل السلطة سلميا كما كان مأمولا بادئ الأمر.
ومن المتوقع أن يعاد فتح الأسواق غدا الاثنين بعد إغلاقها أكثر من أسبوع لكن الأزمة بعيدة عن الحل. وما تزال حشود المحتجين في أنحاء البلاد تطالب بنهاية فورية لحكم الرئيس حسني مبارك الذي مضى عليه ثلاثة عقود.
وهبطت سوق الأسهم أكثر من 21 % منذ بداية هذا العام لكنها زادت ما مجموعه نحو 50 % في العامين السابقين مستفيدة من حرص المستثمرين الأجانب على الاستثمار في مصر.
وعلى الرغم من الهبوط الحاد للأسعار الشهر الماضي فان معظم مديري صناديق الاستثمار ما يزالون مترددين في العودة الى السوق في مصر قائلين إنهم يريدون ان يروا وضوحا سياسيا وكذلك مؤشرات على كيف ستؤثر الأزمة على الاقتصاد وأرباح الشركات.
وقال مارتن جان باكوم كبير محللي الأسهم في الأسواق الناشئة في مؤسسة اي.ان.جي لإدارة الاستثمار "نريد ان نرى بعض الوضوح نريد ان نرى انتخابات مبكرة. هناك الكثير الذي نريد ان يتحقق قبل ان تنحسر المخاطر حقا. وكنا حذرين جدا وألغينا مراكزنا الاستثمارية في السوق المصرية حينما أثرت أحداث تونس على المشهد".
وأضاف قوله "على الأجل الأطول فان مصر هي من أهم الأسواق في عالمنا ... وفي الأجل القصير فانه يجب على الناس ان يكونوا غاية في الحذر ومن السابق لأوانه القول إنها فرصة للشراء".
وقال بارت ترتلبوم المدير المشارك لصندوق جي.ال.جي كابيتال "ليس هناك ما يجذبنا في مصر مع اننا ما زلنا نشطين في الشرق الأوسط. صحيح ان الشراء بعد انهيار كامل استراتيجية جيدة لكن هذا سابق لأوانه. واعتقد اننا في بداية عملية هبوط شديد لا نهايتها. ... ولا داعي للعجلة".
ويعاد فتح أسواق المال المصرية هذا الأسبوع بعد إغلاق طال أمده وموجة هبوط حاد ولكن ليس من المتوقع ان تلقى دعما كبيرا من صناديق الاستثمار الأجنبية التي تريد مزيدا من الوضوح بشأن مستقبل الاقتصاد والشركات في مصر قبل أن تغامر بالعودة الى شراء الأوراق المالية المصرية التي أصبحت زهيدة بعد أن هبطت أسعارها في الآونة الأخيرة.
وقال سبعة من عشرة مديرين لصناديق الاستثمار في استطلاع لرويترز من أجل هذه المقالة انهم لن يشتروا أوراقا مالية مصرية الآن على الرغم من الانخفاضات الحادة للأسعار التي جعلت قيم الأسهم من بين أكثر المستويات جاذبية في فئة أسهم الأسواق الناشئة.
ويجادل معظم المستثمرين بأن هذه الأسهم رخيصة لسبب ما.
ومع احتدام التوترات السياسية في القاهرة ومعظم أرجاء مصر ومطالبة المحتجين بنهاية فورية لحكم الرئيس حسني مبارك الذي مضى عليه ثلاثة عقود فان الحياة في البلاد أصيبت بالشلل.
ومن المؤكد تقريبا ان النمو الاقتصادي ومشاريع الاستثمار في أكبر اقتصاد في شمال أفريقيا سوف تتضرر. ومع وقوع فوضى في دول مجاورة تثور علامات استفهام كبيرة بشأن كيف ستكون السياسة الحكومية المقبلة تجاه المستثمرين.
وقال ديليك كابانوجلو المدير التنفيذي للمعلومات في الأسواق الناشئة العالمية في (ار.سي.ام) وهي وحدة تابعة لشركة أليانتس جلوبال انفستورز في فرانكفورت "قيم الأسهم تبدو جذابة إذا كنت مستثمرا على الأجل القصير ولكننا مستثمرون على الأجل الطويل ونريد ان نتطلع الى الأمام ونرى كيف سيؤثر كل هذا على نتائج أعمال الشركات وتوليد تدفقاتها النقدية واحتياجاتها التمويلية".
وأضاف "يجب أن نقوم بتقييم المخاطر على الاقتصاد عموما الذي أصيب بالشلل خلال الأسبوعين الماضيين".
وقد هبطت الأسهم المصرية 21 % في شهر كانون الثاني (يناير) بعد صعودها 15 % العام الماضي و35 في المائة في العام 2009.
وارتفعت العوائد على سنداتها العالمية البالغة قيمتها بليون دولار والتي يحين أجل استحقاقها في العام 2020 أكثر من مائة نقطة أساس. وقفزت تكاليف التأمين على ديونها. وتبلغ هذه التكاليف الآن 400 ألف دولار للتأمين على دين مصري قيمته 10 ملايين دولار وهو ما يزيد على 150 ألف دولار عما كان عليه في بداية العام 2011.
والجو العام الآن بعد مرور نحو أسبوعين على بدء المظاهرات والاحتجاجات الحاشدة أسوأ كثيرا مما كان عليه في بداية الأسبوع الماضي حينما زادت الآمال في انتقال سلمي سريع للسلطة في البلاد.
وأغرى هذا بعض المستثمرين الأجانب بشراء أوراق مالية مدرجة في أسواق أجنبية الأمر الذي رفع إيصالات الإيداع العالمية المدرجة في لندن التي أصدرتها الشركات المصرية ووثائق صندوق مؤشرات الأسهم المصرية المدرج في بورصة نيويورك للأوراق المالية.
ولكن منذ ذلك الحين تفجر العنف.
وتوقفت مكاسب إيصالات الإيداع العالمية ووحدات صندوق مؤشرات الأسهم المصرية لكنها انتعشت عن مستوياتها منخفضة في الآونة الأخيرة.
وقال سفين ريختر رئيس الأسواق الهامشية في مؤسسة رينيسانس أسيت مانجمنت "منذ أيام قليلة كنت متفائلا والآن فانني أعيد النظر في هذا".
ولم يقدم وزير المالية دعما في هذا الشأن مؤكدا أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الاضطرابات "ضخمة".
وعلى الرغم من أن البورصة المصرية تمثل أقل من 1 %من مؤشر (ام.اس.سي.اي) للأسواق الناشئة فانها اجتذبت مقدارا غير متناسب من التدفقات الاستثمارية الوافدة حيث يرى المستثمرون أن سكان مصر البالغ عددهم 80 مليونا والذين ترتفع نسبة الشباب بينهم هم رهان مؤكد على طلب المستهلكين.
ولشركات مصرية مثل اوراسكوم والمجموعة المالية المصرية وجود اقليمي وكان معدل نمو الإيرادات الذي يتوقع ان يبلغ 34 في المائة في العام 2012 أعلى معدل بين الاقتصادات الناشئة في أوروبا والشرق الأوسط. ونما الاقتصاد المصري بنسبة خمسة في المائة سنويا في السنوات الأخيرة.
وكان الأجانب يملكون نحو 25 بليون دولار من الأوراق المالية المصرية قبل الأزمة وذلك وفق تقديرات باركليز كابيتال.
والآن بالنظر الى ان المستثمرين محصورون في سوق مغلقة فانه من المرجح ان تشهد موجة أخرى من البيوع المذعورة حينما يستأنف التداول يوم الاثنين.