الشبهه الدستوريه في قانون اعادة هيكلة المؤسسات والدوائر الحكوميه


ارسلت الحكومه لمجلس الامه قانون(اعادة هيكلة المؤسسات والدوائر الحكوميه) الذي يتضمن الغاء و دمج بعض المؤسسات الحكوميه، وقد ثار خلاف في الراي بين مجلسي النواب والاعيان حول هذا القانون، وكان موضوع الخلاف حول هل يجوز الغاء قانون مؤقت بقانون دائم ، وهل يجوز الغاء مؤسسه او دمجها دون الغاء قانونها كاملا .
والواقع ان المنطلق الدستوري والتشريعي لمناقشة هذا القانون، ليس فيما ذهب اليه مجلس الامه بشقيه، مع بالغ الاحترام والاجلال لهما، انما بالتساؤل عن مدى دستورية تنظيم هذا الموضوع بقانون
وبالرجوع الى المادة 120 من الدستور والتي تنص (التقسيمات الادارية في المملكة الاردنية الهاشميه وتشكيلات دوائر الحكومة ودرجاتها واسمائها ومنهاج ادارتها وكيفية تعيين الموظفين وعزلهم والاشراف عليه وحدود صلاحياتهم واختصاصاتهم تعين بانظمة يصدر مجلسها الوزراء)و
نجد وبلا ادنى شك بان انشاء الدوائر الحكوميه يتم بواسطة انظمه يضعها مجلس الوزراء، وهذا ايضا يتفق مع مبدا فصل السلطات الذي اقره دستورنا في المواد (24_27) وحيث ان عمل هذه الدوائر والمؤسسات هو من اعمال السلطه التنفيذيه، فانها ممثله بمجلس الوزراء هي من يقدر ضرورة وجود دائره او مؤسسه معينه وهي من يقدر ايضا مدى الحاجه لالغاء بعض الدوائر، ولا يمكنها ممارسة هذا الاختصاص الابواسطة الانظمه.
وقد اوضح المجلس العالي في قراره رقم 1 لسنة 1965 في سياق تفسيره للماده 120 من الدستور فيما يتعلق بمدى جواز تنظيم شؤون الموظفين بقانون، حيث قرر ان الامور الوارده فيه الماده المذكوره ، ومنها تشكيل دوائر الحكومه هي من اختصاص مجلس الوزراء يباشرها من خلال الانظمه والتشريعات .
وبغير ذلك، فان السلطه التشريعيه تكون قد تجاوزت حدود صلاحياتها المعينه في الدستور مما قد يؤدي الى ارباك عمل السلطه التنفيذيه، وجدير بالذكر بان الفقه الدستوري قد استقر على انه اذا اناط الدستور او التشريع اختصاصا معينا لسلطه معينه فانه يكون قد منع باقي السلطات من مباشرة هذا الاختصاص او الخوض فيه ، وهذا مضمون القرار رقم 1 لسنة 1992 للمجلس العالي، حيث بين (انه اذا اناط التشريع امرا بسلطه معينه فيكون قد منع باقي السلطات من ممارسته) وذلك في سياق تفسيره لمعنى اتهام الوزراء الذي كان منوطا بمجلس النواب قبل التعديلات الدستوريه الاخيره، على ان كل ذلك لا يحد من سلطة مجلس النواب كرقيب على كل اعمال السلطه التنفيذيه بوسائل الرقابه المحدده في الدستور..
وبناء على ما سبق، فقد كان انشاء هذه الدوائر ابتداءا بقوانين هو مخالف للدستور نصا و روحا، وان الحل القانوني والدستوري لهذه الاشكاليه هو الغاء قوانين تلك المؤسسات وكل القوانين التي انشات بموجبها دوائر حكوميه، واستبدالها بانظمه ، وذلك انصياعا والتزاما وتطبيقا لنص الماده 120 من الدستور


رياض أبووندي 
خبير تشريع وقانون