يا ايها الملك .. سيديّ.. عدّ لنا...

سيديّ.. عدّ لنا...

سيدي... ندرك أن حجم التحديات الاقتصادية، والسياسية، والعواصف المعيشية التي تحيط بنا نحن الأردنيون ثقيلة جداً، وأن غيابك عن البلاد سبباً رئيساً من أجل أن ينعم أبناء شعبك بعيش كريم، وحياة آمنة خالية من المنغّصات الاقتصادية، والاضطرابات الإقليمية، التي تستعر نيرانها بين الحين، والآخر على حدودنا، ومن أجل أن يسترد الوطن عافيته الاقتصادية، وتتحقق فيه فرص الاستثمار من خلال الاستفادة من خبرات الدول الصديقة في مجالات الصناعة، والتجارة، والسياحة، كالصين، والولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من الدول الأوروبية.

وما أن غادرت طائرتك الملكية سيدي حدود الوطن بيمنّ الله، ورعايته، حتى انهالت حكومتنا الرشيدة بوابل من الرّشقات الاقتصادية الصعبة، والتي أطاحت بجزء كبير من أبناء شعبك الوفي، والذين هتفوا على طول الزمن، عاش الوطن عاش الوطن، ومازال يرددون أيضاً العبارة المحببة على قلوبهم، عاش الملك عاش الملك، لأنهم يدركون حجم المحبة التي تزجيها لشعبك، وهم أيضاً يبادلونك المحبة، والحب ما دامت قلوبهم تنبض وحناجرهم تصدح بكلمات الولاء، والطاعة، ومع ذلك لم تشفع تلك المحبة عند حكومتنا الرشيدة والتي تمكّنت من الوصول لجيب المواطن، ومدخراته المالية التي أوشكت على النفاذ، لكي تمرّر مشاريعها الإصلاحية المزعومة، فبدلاً من أن تبدأ بنفسها، اختارت المواطن القابع بالبوادي والأرياف طريقاً لها لتنفيذ وصفات البنوك الدولية، لأنه الأسرع برفد خزائن الدولة بالأموال التي تحتاجها، ولو كان ذلك على حساب طعامه، وكسائه، وسبل رفاهيته المحدودة كالجوال، والسيارة.

أيّ حكومة تقصيّ على شعبها في سنوات القحط، والجفاف، وتزيد من أوجاعه لا تستحق البقاء، لأن المواطن أغلى ما نملك، وهو سرّ نجاح الدولة وتطورها، فلا يمكن البقاء لحكومة تختار جيب المواطن لكي تسدّ حاجات الخزينة المثقلة أصلاً من سياسات الحكومات المتعاقبة، فلم يعدّ المواطن جسراً للعبور نحو الدولة الإصلاحية القادمة، ما دام هو من يتحمّل الضرائب الإصلاحية، لكي تقلع السفينة بأمان، بينما الجزء الآخر يعيش بمحبوبة مفرطة، عجزت الحكومات، والأجهزة الرقابية على إيقاف نفوذهم المالي.

أمّا مجلسنا النيابي سيديّ! والذي تأملت به خيراً، وان يكون شريكاً حقيقياً بالإصلاح، ما أن غادرت البلاد حتى اختار القانون الذي يجلب لهم النفع، فاختاروا رواتب تقاعدية تزيد من حياتهم البرجوازية، وحياتهم المخملية، في الوقت الذي تمرّ به البلاد بأزمات مالية خانقه، ومع ذلك يبدو أن هذه اللغة لا يتفهمها أصحاب السعادة، لأنهم لا يعلموا كيف يعيش الشعب؟، وكيف يتدبّر قوت يومه؟، والذي يؤمن أن البلاد تحتاج منا لوقفات جادة حتى يستردّ الوطن عافيته الاقتصادية شريطة أن يكون الكل مسئول في تحمل الأعباء وليس فقط الطبقات الاجتماعية الضعيفة.

ولأننا نعلم سيدي: أن المواطن عندما تقسو عليه الحكومات، أو يتمرد على قوت يومه المتنفذين، يستغيث بمليكه الذي أحبه، لأنهم يدركون أنكم الضامن لهم، والمسترد لحقوقهم، والطامح أن يكون شعبك من أسعد شعوب الأرض، وأفضلهم.
رياض خلف النوافعه