الأقصى والنبوءَة...!



- لم أعد أدري شيئا عن مصير مُتنبي القرن العشرين ، الشاعر العربي "العُراقي" مظفر النواب ، الذي حظيت بلقائه ومعرفته عن قٌرب في ليبيا 1976 ، وكتبت عنه آنذاك في صحيفة الدستور الأردنية صفحة كاملة . لكن أبا عادل ومهما يكن مصيره ، فهو شاهد وشهيد . شاهد على زمن الخذلان العربي وشهيد على مذبحه ، حاضر ولو بطيفه في عقود الردة العربية خلال الخمسين سنة الأخيرة ، التي هي الأخرى شاهدة على تَيَّبس قصبات الأمة .
- القدس عروس عروبتكم ، فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها ، ووقفتم خلف الأبواب ، تسترقون السمع لصرخات بكارتها ، وصرختم فيها أن تسكت صونا للعرض ، ما أشرفكم أولاد القحبة ، هل تسكت مُغتصبة...؟ ، تهتز دكة غسل الموتى أما أنتم فلا تهتز لكم قصبة...!... وزاد إبداع النواب في خطابه الشعري للحُكام العرب ، حين لم يستثن أحدا.
- القدس ، هي المسجد الأقصى المبارك ، كنيسة القيامة المقدسة ، الحرم الإبراهيمي الشريف ، كنيسة مهد المسيح عليه السلام ، قبة الصخرة المُشرفة ، كنيسة البشارة ، معراج محمد صلى الله عليه وسلم ، درب الآلام ، مسجد الجزار ومغطس عُماد المسيح في الأردن،،،فالقدس هي فلسطين وهي الأردن وكل الوطن العربي من المحيط الهادر "الداشر...!" إلى الخليج الثائر "الفاجر...!" وما بينهما من معاهر ومساخر.
- القدس أيضا هي العمود الفقري لمعجزة الإسراء والمعراج ، ولا أدري إن بقي الحرم القدسي الشريف ، كمعتقد إسلامي هو المحتوى لؤلي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، أو حتى إن كان المسلمون في زمن الأسلمة متعددة الأشكال والمسميات ، ما يزالون يتذكرون أن القدس فلسطينية ، عربية ، إسلامية ومسيحية، أم أنها أضحت يهودية وكفى الله المؤمنين شر القتال...!!!
- من يملك القوة يفرض حقه ، لا بل من يملك القوة يفرض ما يشاء...! ، وهنا أستذكر مقولة مُحرر الصين العظيم ماوتسي تونغ ، ، وقد أشار لهذا المعنى ، الملحق العسكري السوفييتي في العاصمة الأردنية عمان ، وذلك حين كان الإتحاد السوفيتي عظيما ، في العام 1969 ، في حفل في عمان بمناسبة مرور مئة عام على مولد لينين ، وكان ذلك في جواب على سؤال لأحد الحضور ، إن كانت طائرا الميراج الفرنسية ، أقوى من طائرات الميج السوفياتية ، ، إذ قال المُلحق إن طائرة ميج 17 أسقطت الفانتوم في سماء فيتنام، لكن من أين لي أن أُوفر للعرب معنويات...؟ ، إذا ، المعنويات هي المرتكز الأساس لإمتلاك الإرادة القوية ، وللأسف أن المعنويات في الحال العربي والإسلامي بمثابة خرج ولم يعد ، والسبب أن هذه الأمة ما تزال ترزح تحت نير ثقافة الأعراب الأشد كُفرا ونفاقا...! ، وبما أن العرب هم مادة الإسلام ، فما ينطبق عليهم ينطبق على الملسلمين عامة ، وعلى المتأسلمين خاصة.
- وماذا بعد...؟ ، هل من مخرج...؟ ، وكيف...؟.
- عبقرية الغناء العربي فيروز تقول ، لا بد لأحد أن يبدأ ، فالنبدأ أنت وأنا...! ، وهنا نضطر مُكرهين على مُخاطبة القطبين الفلسطينيين ، اللذين يتوجب عليهما التناغم مع هذا الإبداع الفيروزي ، وأن يبدءآ،،،"فلعل تكون نبوءة فيروزية معاكسة لإحباطات مظفر النواب المشروعة"،،، والقطبان هنا ، هما فتح وحماس ، وتحديدا محمود عباس وخالد مشعل ، وهي مخاطبة ربما تكون على حافة ما قبل أن تُصبح القدس يهودية ناجزة وبجدارة .
- بالأمس كان ياسر عبدربة على قناة بي بي سي ، يتلعثم ويهذي في محاولة بائسة ، ليبيع علينا بضاعته الفاسدة ، وأراد أن يُكحّل البومة ، ويُزيِّنها ، في محاولة يائسة يُراد منها إقناعنا أنها يُمكن أن تستحيل هدهد سليمان عليه السلام...! ، وليس هذا العبد ربة الوحيد فمثله كثيرون من الغلمان والعبيد ، الذين تطاولوا في جمع المال والبنيان على حساب فلسطين وشعبها، القدس والمقدسات ، وهؤلاء إرتبطت مصالحهم المالية والمعنوية ، بإبقاء الحال على ما هو عليه ، إذ هم على يقين أن أي مُتغيِّر في فلسطين ، إن تحررت أو تهودت ستُطيح بهم ، وليس من فراغ أنهم جعلوا المفاوضات حياة ، لأن مجرد وجودهم بات مفاوضات ، لهذا يستمرون بالمفاوضات من أجل المفاوضات ، مع أنهم الأعلم بأنها مجرد ملهاة وتضييع وقت ، لكنها السبيل ليزداد خلالها نفوذهم وتتعاظم مكاسبهم. وإن كان هكذا شأن فتح ، فإن لحماس شأن مماثل في البحث عن المكاسب والزهو بكرسي الحُكم ، وخراريف المقاومة والممانعة...! ، ناهيك عن التهريب وتجارة الأنفاق وما يرافقها من ممنوعات ، وعلى ذلك ما في أحد أحسن من الآخر ، فالخل أخو الخردل.
- نحن ندرك أن رحم الله إمرءاً عرف قدر نفسه فوقف عند حده ، ونعلم أن النضال والكفاح المسلح الفلسطيني ، ونتائجه السلبية ليست أقل سوءاً من نتائج المفاوضات العبثية ، وعلى ذلك أصبح الأمر وبالا على فلسطين الأرض والشعب ، لكن ما هو أشد وبالا ولعنة على فلسطين وشعبها ، هو الإنقسام السياسي ، الإجتماعي والإقتصادي بين رام الله وغزة ، والذي يتأطر في كذبتين ، كذبة فتح التفاوضية وكذبة حماس المقاومتية ، فلا فتح قادرة على إنجاز تحرير فلسطين بالمفاوضات وهي لا تريد ذلك ، وليس بمقدور حماس تحرير فلسطين بالصواريخ العبثية والرشاشات الإستعراضية، كما أنها أيضا لا تريد ذلك....!!!
- ما هو الحل...؟
- ربما هي المرة العاشرة التي نُكرر فيها رؤيتنا ، وهي مشروطة بإثبات رجولة رجلين ، "عباس ومشعل" ، حيث يتوجب عليهما أن يحسما الأمر أمام الفلسطينيين ، العرب ، المسلمين والعالم بدون لف ودوران ، وبدون أكاذيب وألاعيب المفاوضات أو المقاومات الهيلامانية، وأن يقف الرجلان أمام أجهزة الإعلام العربية ، الإسلامية والعالمية ويعلنا بلسان عربي فصيح وبدون لعثمة ، أنهما جاهزان للسلام بأحد حلين ، والثالث موقف.
-1- دولة فلسطينية مستقلة على كامل حدود عشية الرابع من حزيران 1967 ، بما فيها القدس عاصمة للدولة الفلسطينية الديموقراطية ، المدنية والمترابطة جغرافيا ، بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
-2 - فتح فلسطين التاريخية للعرب واليهود ليعيشوا في دولة واحدة ديموقراطية مدنية ، وأن يمنح عباس ومشعل الجانب اليهودي والعالم ، مهلة شهر واحد لإعتماد أحد هذين الخيارين .
-3- ما دون ذلك فإن فتح وحماس تدعوان مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة والمجتمع الدولي بكليته، ليتسلم كل ما لدى الشعب الفلسطيني من أسلحة ، بما في ذلك سكاكين المطابخ ، في الضفة الغربية وقطاع غزة ، وتُعلنان العصيان المدني حتى تفعيل القرارات الدولية ، بما فيها قرارات محكمة العدل الدولية وإتفاقيات جنيف والإتفاقية الرابعة تحديدا ، والقرار 194 وتطالب بالقرى التي إستولت عليها إسرائيل بعد الهدنة وعددها حوالي 15 قرية .
- إن حدث وفعل هذا محمود عباس وخالد مشعل وساندتهما القوى الفلسطينية ، العربية الإسلامية والمسيحية ، وبالتأكيد أن الجميع سيكون معهما ، ما دون الحالمين وجواسيس الصهيوأمركي ، فإن البشرية ستقف معهما ومع الشعب الفلسطيني الخلاق ، الذي أثبت حضاريته وتوقه للحياة والعيش بسلام ، وستهب كل شعوب الأرض المؤمنة بالحق ، العدل ، المساواة وحقوق الإنسان لدعم ومساندة هذا الفعل الفلسطيني النضالي السلمي ، وسينقلب السحر على الساحر الصهيوأمريكي. ومن ثم سيحقق الفلسطينيون ، العرب المسيحيون والمسلمون حلم الأمن ، الإستقرار والسلام الذي سيعم العالم