ﺧﻼﻓﺎت أﺣﺰاب اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ

ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺳﺴﺖ أﺣﺰاب اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ ﻟﺠﻨﺘﮫﺎ اﻟﺘﻨﺴﯿﻘﯿﺔ اﻟﻌﻠﯿﺎ، ﻛﺎن اﻟﮫﺪف ﻣﻨﮫﺎ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻤﺸﺘﺮك ﻣﺤﻠﯿﺎ،
ﻻﺳﯿﻤﺎ أن اﻷھﺪاف اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﮫﺬه اﻷﺣﺰاب ﻣﺘﺸﺎﺑهة وﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﻀها، ﻓﯿﻤﺎ ﺷﻘﺔ اﻟﺨﻼﻓﺎت ﻗﻠﯿﻠﺔ، ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ
اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت اﻟﺠﻮھﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﯿﺪ أﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﯿﺎﺗﮫﺎ وﻓﻜﺮھﺎ.
واﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ھﺬه اﻟﻠﺠﻨﺔ ﺗﺠﺎوز اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺒﺎت واﻟﺘﺤﺪﻳﺎت واﻟﺨﻼﻓﺎت، واﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ وﺟﻮدھﺎ ﻛﮫﯿﺌﺔ ﺗﻨﺴﯿﻘﯿﺔ
ﻷﻧﺸﻄﺔ أﺣﺰاب اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ. وﻣﻊ أن ھﺬه اﻟﻠﺠﻨﺔ ﻓﺸﻠﺖ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻘﺒﺎت اﻟﻜﺄداء؛ ﻣﺜﻞ ﺗﻮﺣﯿﺪ
ﻣﻮاﻗﻔﮫﺎ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻨﯿﺎﺑﯿﺔ أو اﻟﻨﻘﺎﺑﯿﺔ، أو ﺑﺸﺄن ﺑﻌﺾ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ؛ وﻣﻨﮫﺎ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻹﺻﻼح اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ، إﻻ
أﻧﮫﺎ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ اﻟﺒﻘﺎء واﻻﺳﺘﻤﺮار، ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺸﯿﻄﺔ، وﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ ھﯿﺌﺔ ﻗﯿﺎدﻳﺔ ﻟﻐﺎﻟﺒﯿﺔ أﻧﺸﻄﺔ أﺣﺰاب اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ
وﻓﻌﺎﻟﯿﺎﺗﮫﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ.
ﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪو أن ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ اﻟﺨﻼﻓﺎت ﺑﺸﺄن اﻷﺣﺪاث واﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ ﻓﻌﻠﻪ ﻓﻲ "ﺗﻨﺴﯿﻘﯿﺔ اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ"،
ﺳﺘﺴﺘﻄﯿﻌﻪ اﻟﺨﻼﻓﺎت ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﻗﻒ ﺣﻮل اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ. ﻓﻘﺪ ﺻﻤﺪت "ﺗﻨﺴﯿﻘﯿﺔ اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ" ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺒﺎﻳﻦ
اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻓﻲ اﻵراء اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻨﻀﻮﻳﻦ ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺘﮫﺎ. وﻟﻜﻨﮫﺎ ﺗﺸﮫﺪ اﻵن اﻧﺸﻘﺎﻗﺎ ﻏﯿﺮ ﻣﻌﻠﻦ، وﻟﻜﻨﻪ واﺿﺢ وﺻﺮﻳﺢ
وﺧﻄﯿﺮ، ﻗﺪ ﻳﻮدي ﺑﮫﺎ ﻛﻤﻈﻠﺔ ﺗﻨﺴﯿﻘﯿﺔ ﻷﺣﺰاب اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ. وﻗﺪ وﻗﻊ ھﺬا اﻻﻧﺸﻘﺎق ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﯿﺔ اﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﻓﻲ
اﻟﻤﻮاﻗﻒ ﻣﻤﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺔ وﻣﺼﺮ.
ﻣﻊ أن أﺣﺰاب اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ ﻧﻔﺖ ﻣﺆﺧﺮا أن ﺗﻜﻮن "اﻟﺘﻨﺴﯿﻘﯿﺔ" ﻓﺼﻠﺖ ﺣﺰب ﺟﺒﮫﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻦ ﻋﻀﻮﻳﺘﮫﺎ، وﻣﻊ
أن "اﻟﻌﻤﻞ اﻹﺳﻼﻣﻲ" أﻳﻀﺎ أﻛﺪ ﻋﺪم ﺧﺮوﺟﻪ ﻣﻦ "اﻟﺘﻨﺴﯿﻘﯿﺔ"، ورﻓﻀﻪ ذﻟﻚ، إﻻ أن اﻟﻄﺮﻓﯿﻦ أﻗﺮا أن اﻟﺨﻼﻓﺎت
ﺑﺸﺄن اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ ﺑﺎﻋﺪت ﺑﯿﻨﮫﻤﺎ، ﺑﺤﯿﺚ ﻟﻢ ﻳﺤﻀﺮ "اﻟﻌﻤﻞ اﻹﺳﻼﻣﻲ" اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت اﻟﻠﺠﻨﺔ ﻣﻨﺬ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﮫﺮ،
ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻟﻼﺧﺘﻼﻓﺎت اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﺣﻮل ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﻳﺔ، واﻷﺣﺪاث اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺮ ﺑﮫﺎ اﻟﺒﻠﺪان.
ھﺬا اﻟﻐﯿﺎب ﻳﺪل ﻋﻠﻰ أن اﻷﻣﻮر ﺗﺘﺠﻪ ﻧﺤﻮ اﻻﻧﻘﺴﺎم واﻻﺑﺘﻌﺎد، ﻻﺳﯿﻤﺎ أن اﻟﺤﻮار ﺑﯿﻦ ھﺬه اﻷﺣﺰاب أﺻﺒﺢ ﺷﺒﻪ
ﻣﻘﻄﻮع، وﺻﺎر ﺗﺒﺎدل اﻻﺗﮫﺎﻣﺎت ھﻮ اﻟﺴﺎﺋﺪ ﺑﯿﻦ ﻛﻮادر ھﺬه اﻷﺣﺰاب؛ ﺑﺤﯿﺚ ﻏﺎﺑﺖ ﻟﻐﺔ اﻟﺘﻔﺎھﻢ، وﻟﺠﺄ ﻛﻞ طﺮف إﻟﻰ
ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻻﻧﻘﺴﺎم ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﻘﻮاﺳﻢ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ.
ﻣﻦ اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ أن ﻻ ﺗﺘﻔﻖ أﺣﺰاب اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲء. وﻟﻜﻦ اﻟﻐﺮﻳﺐ أن ﻳﺆدي ﺗﺒﺎﻳﻦ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ
ﻗﻮﻣﯿﺔ، وﻟﯿﺴﺖ ﻣﺤﻠﯿﺔ، إﻟﻰ اﻻﻧﻘﺴﺎم واﻟﺘﺒﺎﻋﺪ، ورﻓﺾ اﻵﺧﺮ اﻟﺬي ﻛﺎن ﺣﺘﻰ وﻗﺖ ﻗﺮﻳﺐ ھﻮ اﻷﻗﺮب واﻟﺤﻠﯿﻒ.
ﻧﻌﻢ، ﺳﺎرﻋﺖ أﺣﺰاب اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ إﻟﻰ ﻧﻔﻲ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺘﻨﺴﯿﻘﯿﺔ ﻓﺼﻠﺖ اﻹﺳﻼﻣﯿﯿﻦ ﻣﻦ ﻋﻀﻮﻳﺘﮫﺎ، وھﺬا أﻣﺮ
ﺟﯿﺪ، وﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻜﻔﻲ. ﻓﮫﺬه اﻟﻠﺠﻨﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺘﻤﺮ، وﺗﻮاﺻﻞ ﻋﻤﻠﮫﺎ، ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﻲ؛ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺣﻮار
ﺟﺎد وﻋﻤﯿﻖ ﺑﯿﻦ أﻋﻀﺎﺋﮫﺎ، ﻟﻌﻞ وﻋﺴﻰ ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﮫﯿﺌﺔ اﻟﺘﻨﺴﯿﻘﯿﺔ اﻟﻤﮫﻤﺔ ﻟﮫﺎ ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ
اﻷوﻟﻰ.
ﻣﻦ ﻣﺮاﻗﺒﺔ ردود اﻟﻔﻌﻞ، وﺗﺒﺎدل اﻻﺗﮫﺎﻣﺎت ﺑﯿﻦ اﻟﻜﻮادر واﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻘﯿﺎدﻳﺔ وﻏﯿﺮھﺎ، ﻓﺈن ذﻟﻚ "اﻟﺤﻮار" ﻳﺒﺪو ﻣﺴﺘﺒﻌﺪا
اﻵن، ﺑﻞ إن اﻟﺨﻼف ﺳﯿﺘﻌﻤﻖ أﻛﺜﺮ. وﻟﻜﻦ ﻳﻈﮫﺮ أن أﺣﺰاب اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ ﺗﺤﺎول اﻟﮫﺮب إﻟﻰ اﻷﻣﺎم ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺒﻮل
ﻏﯿﺎب اﻹﺳﻼﻣﯿﯿﻦ ﻋﻦ اﻟﻠﺠﻨﺔ، ﻣﻊ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﯿﮫﺎ ﻛﮫﯿﺌﺔ ﺗﻨﺴﯿﻘﯿﺔ إﻟﻰ ﺣﯿﻦ ﺗﻄﺮأ ظﺮوف ﺟﺪﻳﺪة ﻗﺪ ﺗﻌﯿﺪ اﻷﻣﻮر إﻟﻰ
ﻧﺼﺎﺑﮫﺎ. وﻟﻜﻨﮫﻢ ﻳﺘﻨﺎﺳﻮن ﻋﻤﺪا أن ﻣﺎ ﻳﺤﺪث اﻵن ھﻮ اﻧﻘﺴﺎم ﺧﻄﯿﺮ إﻟﻰ درﺟﺔ ﻗﺪ ﻻ ﺗﻌﻮد ﻣﻌﮫﺎ اﻟﻤﯿﺎه إﻟﻰ
ﻣﺠﺎرﻳﮫﺎ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ. واﻟﺤﻞ ھﻮ اﻟﺤﻮار ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ اﻟﻘﻮاﺳﻢ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ، وﻟﯿﺲ ﺗﺮك اﻷﻣﻮر ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﮫﺎ، ﻟﻌﻞ
وﻋﺴﻰ ﻳﻄﺮأ ﺷﻲء ﺟﺪﻳﺪ ﻳﻐﯿﺮھﺎ ﻧﺤﻮ اﻷﻓﻀﻞ.