لماذا غيّب أفلاطون طبقة المنافقين من جمهوريته المشهورة ؟

أفلاطون وما أدراكم ما أفلاطون (428 – 348) ق. م فيلسوف يوناني كلاسيكي ، واسع الأفق ، كتب عدد من الحوارات الفلسفية ، ويعتبر مؤسس أكاديمية أثينا التي تعتبر أول معهد للتعليم العالي في العالم الغربي ، معلمه سقراط وتلميذه أرسطو ، وضع أفلاطون الأسس الأولى للفلسفة الغربية , احد مؤلفاته المشهورة جمهورية أفلاطون وهو كتاب فلسفي كتبه أفلاطون في عام 360 قبل الميلاد , قسّم فيه طبقات المجتمع في الدولة المثالية إلى ثلاث طبقات رئيسه هي : طبقة التجار وأصحاب الحرف , وطبقة الحرس والجنود , وطبقة الملوك والأمراء , أسس أفلاطون الفلسفة المثالية وعرّف الفلسفة بأنها السعي الدائم لتحصيل المعرفة الكلية الشاملة التي تستخدم العقل وسيلة لها وتجعل الوصول إلى الحقيقة أسمى غاياتها , أوجد أفلاطون ما عُرِفَ من بعدُ بطريقة الحوار، التي كانت عبارة عن دراما فلسفية حقيقية .
وهنا نقول لأفلاطون كيف غابت (طبقة المنافقين) من جمهوريتك التي وضعتها قبل آلاف القرون ؟ في الوقت الذي توفرت فيه جميع المناخات لمثل هذه الطبقة , وأن تواجد مثل هذه الطبقة كان ولا يزال في كل مكان وفي كل زمان , ودائرة هذه الطبقة تتسع يوما بعد يوم , اعترف كل الاعتراف أن عبقرية أفلاطون لم تغفل عن هذه الطبقة , في الوقت الذي كان لديه مشروعا لتحديد خارطة هذه الطبقة , إلا أن هذا المشروع بقي حبيسا في عقله الكبير عند وفاته , ولم يجرؤ تلميذه أرسطو على طرح هذا المشروع (طبقة المنافقين) , لأنه وكما تؤكد الفلسفة اليونانية كان احد المنافقين الكبار لأفلاطون !
بصراحة هذه الطبقة (طبقة المنافقين) خدعت وضللت الملوك والفلاسفة والقادة والسلاطين وغيرهم من أصحاب القرارات , وما زالت تخدع وتضلل هذه الفئات , هذه الطبقة تنمو وتتكاثر بين الحق وبين الباطل , وهي اقرب للباطل , هذه الطبقة موجودة في مجالسنا الرسمية وغير الرسمية , هذه الطبقة موجودة في جميع الصالونات السياسية والاقتصادية والاجتماعية , موجودة في التجمعات الدينية , اكتشافهم يتطلب مهارات عالية جدا , لدى هؤلاء الأشخاص مهارات النفاق بدرجات مختلفة , أشخاص (طبقة المنافقين) غير واضحين , كأشخاص الحق , وأشخاص الباطل , مصالحهم ملتوية , نصائحهم كشمس الشتاء خادعة , خطورتهم تزداد أن كانوا من الحاشية , أو يدوروا في فلك الحاشية .
العديد من صنع القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية أو اتخاذها فشلت بسبب (طبقة المنافقين) , كيف لا وأن كثير من المنافقين قد دفعوا بعض الملوك والفلاسفة والقادة والسلاطين وغيرهم من أصحاب القرارات لاتخاذ القرارات , ثم بعد ذلك عملوا هؤلاء المنافقين على إفشالها أو طعنها من الخلف , والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : هل النفاق وراثة أم انه مكتسب ؟ وهنا نقولها بصراحة , إن كان النفاق مكتسبا , فان الأسرة بتنشئتها والمدرسة ببرامجها التربوية تستطيعا معالجة هذه الظاهرة نوعا ما , أما إن كان النفاق موروثا , فأن تغيير الجينات يكون مستحيلا عند هؤلاء , وربما يكون هذا هو السبب الذي من اجله غيّب أفلاطون(طبقة المنافقين) من جمهوريته المشهورة .