كي لا تكون الحكومة ضحكا على الذقون – بقلم المحامي فيصل البطاينة


أخبار البلد-  ان استجابة القائد لرحيل الرفاعي وقدوم البخيت لم تأتي من فراغ ،  بل جاءت من واقع الاحتقان الشعبي الذي لم يتولد عن ازمة الاقتصاد العالمية كما ادعى الرفاعي و انما جاء نتيجة ضخامة تراكمات اخطاء الحكومات السابقة التي كثيرا ما رعت الفساد و الفاسدين بمختلف الحقول لتكبل الشعب الأردني بالمليارات ديونا و عجزا بخزينة الدولة التي افرغوها بفسادهم المتلاحق حتى اوصلونا لميزانية 2011 المعروضة على مجلس الـ 111 و التي كانت عبارة عن 52% رواتب بالآلاف للمسؤولين و المحاسيب و بالمئات والعشرات للسواد الأعظم من الموظفين والمتقاعدين ، اما ما تبقى من الموازنة فكان عبارة عن تسديد ديون الفاسدين ومشاريع وهمية و خيالية و مصادر ارتزاق مستقبلية لطحالب الثراء غير المشروع ، و بالنسبة لايرادات الموازنة فلم تكن الا ضرائب على المواطنين و مساعدات معظمها بجيوب المسؤولين .

 

 

وعودة للموضوع و من اجل الاستفادة من تجاربنا ،  لا بد للحكومة الجديدة  من العمل على  تفعيل الدستور الاردني و تطبيق مرتكزه الاساسي بمبدأ فصل السلطات و الانتقال بعد ذلك الى اصدار قانون عصري يحقق هذا المبدأ فيما يتعلق باستقلال القضاء لأن القضاء سيكون الرادع الأول للفاسدين المتجاوزين على القوانين و على الدستور ،  و هذا يتطلب ايضا تشكيل المحكمة الدستورية التي افتقرت لها بلادنا بعكس غالبية دول العالم التي انتهجتها و فعلتها ، وبعد ذلك لا بد من تعديل بعض مواد الدستور بالطرق المشروعة بحيث تتوائم مع القاعدة الفقهية " تتبدل الأحكام بتبدل الازمان " ،  ولا يعقل ان يبقى دستورنا بكل مواده دون حاجة الى تطوير منذ نصف قرن ونيف ، ومن ثم لا بد من اصدار قانون انتخاب عصري بعد مراجعة مساويء التطبقات العملية لقوانين الانتخاب السابقة و سد الثغرات التي اوجدتها الحكومات المتعاقبة من اجل تزوير ارادة الجماهير بهدف عدم افراز  مجالس نيابية قادرة على ممارسة وظائفها الاساسية المتمثلة بالرقابة  والتشريع و اختصاصها كجهة اتهامية في قانون محاكمة الوزراء ذاك القانون الذي لم يفعل منذ صدوره سنة 1952 .

 

ولكي يعتبر الفاسدون في كل زمان ومكان لا بد من مراجعة ما قامت به الحكومات المتعاقبة منذ بداية هذا القرن و كشف كافة قضايا الفساد التي بمعظمها قامت بها و اشرفت عليها تلك الحكومات مع بعض الاجهزة التي انحرفت عن وظائفها الاساسية لتنشغل بالامور التجارية وغيرها كما وعد الرئيس المكلف باحالتها للقضاء بدون تردد ، كما لا بد من العودة الى وصفات البنك الدولي الذي تدخل في امورنا السيادية بدون مردود خاصة في الاقتصاد المبني على الخصخصة التي اضحت اليوم لصلصة من دم الشعب الأردني .

 

ونهيب بأي حكومة تريد ان تكون عند حسن ظن القيادة و الشعب بأن تفتح ملفات الفساد الكبرى التي اضحت معروفة لدى القاصي و الداني ابتداءا من بيع الناقلات النفطية في الفجيرة و عجمان و اين ذهبت اثمانها و كيف بيعت و مرورا بانشاء سلطة اقليم العقبة و تبديد المال العام على شكل شرهات و عطايا قام بها عدد من المسؤولين السابقين وبعض اللاحقين وفتح ملف الكازينو و تحمل مسؤوليته وزراء نراهم اليوم متفائلين بالعودة الى مناصبهم الوزارية مع نفس الرجل الذي خدعوه مع المافيات المحلية والدولية .

 

 

من هنا يتوجب على هذه الحكومة ان تفتح الملفات بكاملها خاصة في عهد حكومة الذهبي فيما يتعلق برئيسها و شقيقه و ابنه وبعض وزرائه و انسبائه و شركاؤهم ، كما لا بد من فتح ملف شركة تطوير العبدلي و شركة موارد و شركة دبي كابيتال ، تلك الشركات التي استهدفت الارض قبل المال و حاولت السيطرة على المرافق الحيوية للمواطن الاردني من ماء و كهرباء و بيئة ، وعلى هذه الحكومة ان تفتح ملف الديسي الذي اتفقت حكومة الذهبي من خلاله مع مجلس النواب السابق و قلبت تكلفة المشروع من اربعماية مليون دينار الى مليار و اربعماية مليون ، مثلما على الحكومة الحاضرة ان تعيد بالطرق القانونية فتح قضية مصفاة البترول و مشروع توسعتها الذي بدأته حكومة الذهبي بالاتفاق مع شركة دبي كابيتال و التي سرعان ما انسحبت من المشروع بمجرد تعيين رئيسها التنفيذي رئيسا للحكومة ، تلك القضية التي وردت بها اسماء كثيرة ابتداءا من رئيس الحكومة الأسبق و السابق ووزير عدلهما ورئيس الديوان الملكي ، كما لا يغيب عن البال ما جرى من تشويه لمبادرة القائد في سكن كريم لعيش كريم التي تقاسمها بعض المسؤولين في السلطة التنفيذية و عدد من المقاولين في السلطة التشريعية آنذاك التي ضمت الكثيرين من الذين وصلوا لها عن طريق التزوير للمجلس السابق  و يوم تحالف الذهبي و عوض الله اللذان اشرفا مباشرة على عملية التزوير ليعملا على الاطاحة بالرجل الذي لا يتقن لعبة الثلاث ورقات  ، وبعدها اختلف المتآمرون و اطيح بهما و بمن جاءوا به .

 

هذا بالاضافة الى قضايا شركات الاتصالات ( فاست لينك و امنية )  التي قامت على انقاض الخصخصة و قضايا البورصات والبنوك ومياهنا و امانة عمان و غيرها من القضايا التي يعرفها الاردنيون بقراهم و بواديهم و مخيماتهم قبل مدنهم الكبرى والصغرى .

 

امام تلك المعطيات لا اعتقد ان مهمة البخيت بتشكيل حكومته سهلة كما يتصورها البعض ، حتى ان قسما كبيرا من الذين شاركوا بقضايا الفساد نراهم يتوافدون على منزل الرئيس المكلف املا بالعودة في متابعة مسيرتهم المخزية .

 

و اخيرا ، اذا لم تعالج هذه القضايا بتفاصيلها لا اعتقد ان معروف البخيت سوف يحالفه النجاح من قبل الشعب الاردني ولا يعتبر المقياس الشعبي هو  مجلس النواب الحالي الذي لا يعقل ان يحجب الثقة عن حكومة البخيت بعد ان اعطاها للرفاعي بأغلبية ساحقة  و الذي طالب الاردنيون بقراهم و مخيماتهم و بواديهم برحيله معنونين مطالبتهم بأن ادارة الاوطان ليست كادارة الشركات ، و ان غدا لناظره قريب ،،،