جرافات الحكومة

عندما قال الملك من الصين إن الحركة الاسلامية جزء من النسيج الوطني الاردني انطلقت التوقعات حول صفحة جديدة بين المعارضة والمرجعيات الرسمية وإطلاق حوار يؤمن علاقات وطنية اساسها مصلحة الوطن والتخلي عن المناكفات وممارسة التوتير، غير أن شيئا من كل ذلك لم يحدث ولا حتى مجرد أي رد فعل رسمي لأخذ ما قاله الملك لترجمته، مقابله صدرت بيانات وتصريحات من الحركة مرحبة ومستعدة للحوار لم يقابلها اجابات واضحة.
الآن، الملك يقول إن التعددية والوحدة الوطنية هما العمود الفقري للدولة، وان السعي من اجل الوصول الى حكومات برلمانية في ظل ملكية دستورية هو الهدف، ويوضح أنه سيكون الضامن لعملية الاصلاح السياسي، وهذا الموقف واضح بلا التباس ويجمع كافة العناوين المطلوب اصلاحها معا. وبموجبه ينبغي ان تتحول الى أوامر للتنفيذ وليس التمعن فيها، فالملك رأس السلطات وما يقوله يعد أمرا وليس وجهة نظر، خصوصا لجهة تأكيد ضمانة السير قدما بالاصلاح السياسي.
مطالب المعارضة المنظمة والفردية استقرت طوال الوقت على اصلاح سياسي جوهره التعددية والوصول لحكومات برلمانية في ظل ملكية دستورية، وهذه نفسها التي تحدث عنها الملك اخيرا، ما يعني ان الطريق ينبغي ان يكون سالكا بالاتجاهين، الرسمي والمعارضة لتحقيق الانفراج الوطني والتقدم على هذا المسار بما يعزز الوحدة الوطنية ويؤمن التعددية باعتبارهما العمود الفقري للدولة.
الاوراق الملكية التي نشرت تباعا لم يجرِ لها متابعات سوى الترويج الاعلامي واستقرت على كونها مجموعة افكار رغم ما فيها من تطلعات لمستقبل الدولة ونظامها السياسي، والان الموقف على اشد ما يمكن من الوضوح، ولا ينبغي ان يستقر كحال الاوراق، وان تكرر هذه المرة فإن الحال يعني ان ما ينحته الملك تطمره جرافات الحكومة، ما يشي بانفصام وازدواجية وتكريس الفوضى وتخلف السلطات وتقاعصها عن القيام بالمهام الموكولة اليها.