أزﻣﺔ ﺗﻜﺪس اﻟﺤﺎوﻳﺎت واﻧﻌﺪام اﻟﺤﻠﻮل
ﺣﺴﻦ اﺣﻤﺪ اﻟﺸﻮﺑﻜﻲ
ﺗﻤﺮ اﻷﺳﺎﺑﯿﻊ واﻷﺷهر، وﻳﺘﻮاﺻﻞ ﺗﻜﺪﻳﺲ ﺣﺎوﻳﺎت اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ ﻓﻲ ﻣﯿﻨﺎء اﻟﻌﻘﺒﺔ. وﻻ ﺗﻘﻒ اﻟﺨﺴﺎرة ﻋﻨﺪ ﺣﺪ؛ ﻓﺎﻟﺒﻮاﺧﺮ
اﻷﺟﻨﺒﯿﺔ ﺗﻌﯿﺪ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗها ﺑﺸﺄن اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻤﯿﻨﺎء، ووﻛﻼء اﻟﺸﺤﻦ اﻟﺒﺤﺮي ﻳﺪﻓﻌﻮن رﺳﻮم اﻟﺘﺄﺧﯿﺮ، وﻳﺄﺗﻲ اﻷﻣﺮ
ﻓﻲ ﻧﮫﺎﻳﺔ ﺣﻠﻘﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﯿﺐ اﻟﻤﺴﺘﮫﻠﻚ. ھﺬا ﻓﯿﻤﺎ ﻳﺪور اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻓﻲ أزﻣﺎت ﻻ ﺗﻨﺘهي، ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻨﮫﺎ ﺻﻨﺎﻋﺔ إدارات
ﺗﻨﻘﺼها اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻞ.
إﺿﺮاب ﻣﻮظﻔﻲ اﻟﺠﻤﺎرك اﻟﺸﮫﺮ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻛﺎن ﺳﺒﺒﺎ رﺋﯿﺴﺎ ﻓﻲ أزﻣﺔ ﺗﻜﺪس اﻟﺤﺎوﻳﺎت. وﻓﻲ ﺣﺎل ﺗﺄﺧﺮ ﺑﺎﺧﺮة، ﻓﺈن
اﻷﻣﺮ ﻳﻘﺘﻀﻲ دﻓﻊ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ 40 أﻟﻒ دوﻻر ﻳﻮﻣﯿﺎ. وﻳﻘﻮم أﺻﺤﺎب اﻟﺒﻮاﺧﺮ ﻣﻦ ﺟﮫﺘﮫﻢ ﺑﻤﻄﺎﻟﺒﺔ اﻟﺘﺠﺎر ﺑﺘﺴﺪﻳﺪ
رﺳﻮم اﻟﺘﺄﺧﯿﺮ، ﻓﯿﻤﺎ ﻳُﺤﻤّﻞ اﻟﺘﺎﺟﺮ ﻣﺎ ﺗﻢ دﻓﻌﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻌﺮ اﻟﻨﮫﺎﺋﻲ ﻟﻠﺴﻠﻌﺔ أو اﻟﺒﻀﺎﻋﺔ، واﻟﺬي ﻳﺪﻓﻌﻪ اﻟﻤستهلك.
ﻗﺼﺔ ﺗﻜﺪس اﻟﺤﺎوﻳﺎت ﻳﺠﺐ أن ﺗُﺪرس ﻛﻨﻤﻮذج ﻋﻠﻰ ﻓﺸﻞ اﻹدارة ﻓﻲ إﻳﺠﺎد ﺣﻠﻮل ﻷزﻣﺔ ﻣﺘﺪﺣﺮﺟﺔ وﺧﺎﻧﻘﺔ. وﻟﯿﺲ
ﻣﻌﻘﻮﻻ، أﻳﻀﺎ، أن ﺗﺒﻘﻰ طﺮﻳﻘﺔ ﺗﻔﺘﯿﺶ اﻟﺤﺎوﻳﺎت واﻟﺒﻀﺎﺋﻊ ﺗﻘﻠﯿﺪﻳﺔ؛ ﻋﺒﺮ إﺧﺮاج اﻟﺒﻀﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺎوﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﯿﺘﻢ
ﺗﻔﺘﯿﺸﮫﺎ ﺟﻤﺮﻛﯿﺎ، وﻣﺎ ﻳﺴﺘﺘﺒﻊ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻋﻤﺎل وﻣﺴﺎﺣﺎت وأزﻣﺎت، وأﻳﺎم ﺗﻤﺘﺪ ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ أرﺑﻌﺔ، ﻹﻋﺎدة اﻟﺘﺤﻤﯿﻞ.
اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ أن اﻟﺤﻞ ﻣﺎﺛﻞ أﻣﺎم اﻹدارة اﻟﺠﻤﺮﻛﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺒﺔ، ﻟﻜﻦ أﺣﺪا ﻻ ﻳﺤﺮك ﺳﺎﻛﻨﺎ. ﻓﻘﺪ ﺣﺼﻞ اﻷردن،
ﻣﻨﺬ ﺳﺘﺔ أﺷﮫﺮ، ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺤﺔ ﻣﻦ اﻻﺗﺤﺎد اﻻوروﺑﻲ ﺑﺎﺳﺘﻼﻣﻪ ﺟﮫﺎزي ﻛﺸﻒ أﺷﻌﺔ "ﺳﻜﺎﻧﺮ"، ﻳﺴﻤﺤﺎن ﺑﻤﺮور
ﺷﺎﺣﻨﺔ ﻣﻦ داﺧﻠﮫﻤﺎ، وﺑﺤﯿﺚ ﻳﺤﺘﺎج ﺗﻔﺘﯿﺶ اﻟﺒﻀﺎﺋﻊ إﻟﻰ دﻗﯿﻘﺘﯿﻦ أو أﻛﺜﺮ ﻗﻠﯿﻼ.
اﻷﻋﺬار اﻟﺘﻲ ﻛﺸﻔﺘﮫﺎ اﻟﺘﺴﺮﻳﺒﺎت، ﺗﺬھﺐ إﻟﻰ أن ﻋﺪم اﺳﺘﺨﺪام ﺟﮫﺎزي "ﺳﻜﺎﻧﺮ"، ﻟﺘﻔﺘﯿﺶ اﻟﺤﺎوﻳﺎت ﻳﻌﻮد إﻟﻰ
أن اﻹدارة اﻟﺠﻤﺮﻛﯿﺔ ﺗﻨﺘﻈﺮ وﺻﻮل ﻗﻄﻊ ﻏﯿﺎر ﻟﮫﻤﺎ. وھﻨﺎ اﻟﻐﺮاﺑﺔ؛ ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺟهازا ﺗﻔﺘﯿﺶ ﻗﺎدران ﻋﻠﻰ إﻟﻐﺎء
ﻣﺴﻠﺴﻞ اﻻﻧﺘﻈﺎر واﻟﺘﺄﺧﯿﺮ وﻛﻠﻔﺘﻪ ﻣﻨﺬ ﻧﺼﻒ ﻋﺎم، ﻓﻠﻤﺎذا ﻻ ﻳُﺴﺘﺨﺪﻣﺎن؟ وﻟﻤﺎذا ﺳﻤﺤﻨﺎ لهذه اﻷزﻣﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﻗﻢ؟
وھﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺒﻮل أن ﻳﺘﺤﻮل ﻣﻨﻔﺬﻧﺎ اﻟﺒﺤﺮي اﻟﻮﺣﯿﺪ إﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﻨﻖ اﻟﺰﺟﺎﺟﺔ، ﺑﺤﯿﺚ ﻛﺒﺮت أزﻣﺔ ﺗﻜﺪس اﻟﺤﺎوﻳﺎت؟
ﻻ أﻋﻠﻢ ﻳﻘﯿﻨﺎ إن ﻛﺎن ﻗﺪ ﺗﻢ طﻠﺐ ﻗﻄﻊ اﻟﻐﯿﺎر أم ﻻ! وﻓﯿﻤﺎ ﻛﺎن ﺑﺎﻹﻣﻜﺎن اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﮫﺎزي اﻟﺘﻔﺘﯿﺶ وﺻﯿﺎﻧﺘﮫﻤﺎ
طﯿﻠﺔ ھﺬه اﻷﺷﮫﺮ اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ، وإﻻ ﻓﻤﺎ اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺤﺔ اﻷوروﺑﯿﺔ؟ وھﻞ دور ﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻨﺎ ﻳﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﺟﻠﺐ اﻟﻤﻨﺢ
ووﺿﻌﮫﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻮدﻋﺎت، ﻓﯿﻤﺎ اﻷزﻣﺎت ﺗﺘﻜﺎﺛﺮ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻨﺎ؟
ﺻﺤﯿﺢ أن ﺧﻄﺔ اﻟﻄﻮارئ اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﺑﮫﺎ إدارة اﻟﻤﯿﻨﺎء أواﺧﺮ اﻟﺸﮫﺮ اﻟﻤﺎﺿﻲ، وﺗﻤﺘﺪ ﻧﺤﻮ ﺷﮫﺮﻳﻦ، ﻟﺤﻞ أزﻣﺔ ﺗﻜﺪس
اﻟﺤﺎوﻳﺎت، ﻗﺪ أﺗﺖ ﺑﻌﻀﺎ ﻣﻦ أُﻛﻠﮫﺎ ﻓﻲ اﻵوﻧﺔ اﻷﺧﯿﺮة، إﻻ أن طﺮﻳﻘﺔ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﺤﻤﯿﻞ واﻟﺘﻨﺰﻳﻞ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺧﺎطﺌﺔ ﻣﻦ
وﺟﮫﺔ ﻧﻈﺮ ﻣﺘﺨﺼﺼﯿﻦ؛ إذ ﻳﺘﻢ ﻣﻨﺢ اﻷوﻟﻮﻳﺔ ﻟﻠﺸﺎﺣﻨﺎت اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻮاﺧﺮ، ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﺘﺄﺧﺮ ﻓﯿﻪ
اﻟﻤﻌﺎﻳﻨﺔ ﻟﻮﻗﺖ ﻏﯿﺮ ﻣﻌﻠﻮم، ﻣﺎ ﻳﻔﺎﻗﻢ ﻣﻦ ھﺬه اﻷزﻣﺔ ﻳﻮﻣﺎ إﺛﺮ آﺧﺮ، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن ﺳﺎﺣﺎت اﻟﻤﻌﺎﻳﻨﺔ واﻟﺘﻔﺘﯿﺶ
اﻟﺠﻤﺮﻛﻲ ﻳﺠﺐ أن ﻻ ﺗﻜﻮن داﺧﻞ اﻟﻤﯿﻨﺎء، ﻋﻠﻰ ﻏﺮار ﻣﺎ ھﻮ ﻣﻌﻤﻮل ﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺪول.
ھﺬا اﻹﺧﻔﺎق، ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺒﺮﻳﺮه أو ﺣﺘﻰ ﺗﻔﺴﯿﺮه. وﺗﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﯿﻪ أﻋﺒﺎء ﻳﺘﺤﻤﻠﮫﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ اﻟﺘﺠﺎر ووﻛﻼء اﻟﺸﺤﻦ، ﺛﻢ
ﺗﻨﻌﻜﺲ ﺳﻠﺒﺎ ﺑﻜﺎﻣﻞ ﻛﻠﻔﺘﮫﺎ اﻹﺿﺎﻓﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﻗﺘﺼﺎد (رﺳﻮم اﻟﺘﺄﺧﯿﺮ)، وﺑﺸﻜﻞ أﻛﺜﺮ ﺗﺤﺪﻳﺪا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﮫﻠﻜﯿﻦ.