برتقالة بلتاجي و"تفاحة" الأمانة

كان اللون البرتقالي خلال الاسبوع الماضي حديث النخب وعموم ‏الناس، بعد أن شارك عمدة عمان الجديد عقل بلتاجي عمال الوطن ‏أعمالهم وسط البلد، ‏مرتديًا الزي الخاص بهم.‏
البرتقال من الفواكه ذات الفوائد المتعددة‏، وتعد شجرته في ‏الصين رمزاً للسعادة‏، وهو غذاء وبأوراقه وأزهاره تعالج بعض ‏الأمراض، لكن كما علمت بأن عمال الوطن يرتدونه لغايات ‏التحذير؛ كونه لون فسفورياً يمكن مشاهدته في الأحوال الجوية ‏السيئة.‏
البعض اختزل سلوك بلتاجي بأنه يأتي في إطار "بروبوغندا" ‏إعلامية، الهدف منها الترويج، وتسليط الضوء على رجل أثير ‏جدل واسع حول تعيينه، كان السؤال المتكرر: "مالي أنا ومال ‏البرتقالي! نحن نرغب في معالجة مشاكل الأمانة، ومشاهدة تحسن ‏ملموس في الخدمات".‏
بيد أن هنالك وجهاً آخر للعملة يمكن أن يعكس جدية بلتاجي في ‏علاج تلك المشاكل من جهة، واللون الذي ارتداه رسالة واضحة ‏لأهل عمان أولا؛ بأنه سيلمسون الفرق قريبا، وللعاملين في الامانة ‏ثانياً بأنه منهم وإليهم.‏
الأمر الأكثر أهمية تلك السوداوية الطاغية في مجتمعنا، في دول ‏غربية يستخدم الوزراء وسائط النقل العام، بينما تعرضت نائبتان ‏لانتقادات لاذعة عندما وصلتا إلى المجلس بسيارات أجرة، ‏وكانت النية واضحة للمنتقدين بأنهما تعمدتا ذلك لأسباب ‏إعلامية.‏
حتى لو كان سلوك الأمين والنائبتين يصب في مصالح خاصة، ‏فمن الضرورة التمحيص في الايجابيات قبل السلبيات؛ إذ إن وقع ‏تلك التصرفات في النفوس أولاً سيترك انطباعات جيدة، وإذا كان ‏هنالك أسئلة عن الممارسات على أرض الواقع فعلينا أن ننتظر ‏ونرى النتائج، بل إن تلك المشاهد ستكون حجة على من أدارها، ‏ولن تكون في صالحهم في حال أخفقوا.‏
وعودة للبرتقالي، هنالك من علق على حداثة البدلة أو المكنسة، ‏وكأنه كان يستوجب أن تكون مستعملة لكي تكون مهضومة! ‏وهناك من استذكر قضايا الفساد في الامانة والمشاريع المعلقة.‏
لدى الأمين فرصة كبرى لإثبات ذلك، وبخاصة أن الأمانة ‏مؤسسة خدمية تمس اعمالها شريحة واسعة من الناس، سواء فيما ‏يتعلق بعمليات التنظيف وإصلاح الشوارع أو التراخيص ‏والمخالفات.‏
إيرادات الامانة تكفي لتقديم الخدمة خارج العاصمة عمان في ‏حال أديرت بطريقة سوية وصحيحة، بالفعل سيلمس الناس أقل ‏تغيير وهو ما نتمناه من الأمين الذي أقام على نفسه حجة مسبقة ‏بأنه يعمل جادا بعد أن لبس البرتقالي، وإلا سيثبت فيما بعد بأنها ‏كانت مجرد دعاية، ودعاية وهمية لا تحمل أي مضمون.‏
وكما تباينت الآراء حول أهداف زي الأمين تباينت ايضا حول ‏اختيار تفاحة مقضومة من جانب واحد كشعار لشركة آبْل ‏ماكنتوش، لكن الابرز كان أن مؤسس الشركة‏ ستيف جبس خشي ‏أن يعتقد الناس بأن التفاحة فاكهة اخرى مثل الكرز، فجعلها ‏مقضومة، أو أنه مهما تقدمت الشركة في التكنولوجيا وصناعة ‏الأجهزة فهي ما تزال دون كمال التفاحة.
باختصار؛ لا نريد ‏برتقالة بلتاجي ‏دون تطبيق على أرض الواقع، و"تفاحة" الأمانة ‏تبقى ناقصة للأبد.‏