موقع المفاعل الذري

ما زالت الهيئة الأردنية للطاقة النووية تقفز من موقع إلى آخر لإقامة مفاعلها الذري ، ذلك أن جميع المواقع التي تم اختبارها لا تصلح ، أولاً لأنها ليست بعيدة عن السكان ، وثانياً لعدم توفر المياه اللازمة للتبريد.
في الأساس كان الموقع المختار هو منطقة العقبة لتوفر مياه البحر بكميات غير محدودة ، ولكن الهيئة تنازلت عن ذلك الموقع كي لا تغضب الجوار ، وفي المقدمة إسرائيل والسعودية ومصر ، وبذلك تكون الهيئة قد أخذت خاطر تلك الدول ولم تأخذ بخاطر المواطنين الأردنيين الذين يرفضون المشروع جملةً وتفصيلاً.
رفض المشروع النووي لا يقوم على أكتاف المواطنين العاديين الذين لا تحسب لهم الهيئة أي حساب ، بل على عقول الخبراء الذين أخذوا يطيرون من مناصبهم واحدأً بعد الآخر لإزالة أية معارضة من طريق المشروع الكارثي.
هنا نستذكر أن محطة شرنوبل الروسية ما زالت تبعث باشعاعاتها المؤذية بعد أكثر من ربع قرن من انفجارها ولم يستطع الروس حتى الآن أن يسيطروا عليها سيطرة كاملة ، خاصة وقد تلوثت مياه وتربة المنطقة ربما لآلاف السنين ، فهل تستطيع الهيئة الأردنية للطاقة النووية أن تساعد الروس في تقديم الحلول!.
أما أزمة فوكوشيما اليابانية فما زالت بعد أكثر من سنتين تنزف ، وتسمم الاجواء والمياه والتربة ، وتؤدي لتهجير السكان حيث يصل مستوى الإشعاع إلى 18 ضعف الحد المأمون .    
سيكلف المشروع إذا جرى تنفيذه عشرة مليارات من الدولارات ، وحتى لو ظهر مستثمر خارجي ليقوم بالتمويل والبناء والتشغيل ، فإن المواطن الأردني سيدفع هذا المبلغ للمستثمر مع فوائدة من خلال السعر الذي ستتعاقد الحكومة عليه لشراء طاقة لن تزيد عن ثلث حاجة المملكة.
قد تكون الكلفة الجاريـة لتوليد الكهرباء من الطاقة الذرية أرخص نسبياً ، ولكن الكلفة الرأسمالية هائلة. كما أن توفر الغاز الرخيص خلال سنتين يعني أن توليد الكهرباء باستعمال الغاز سيكون اقل كلفة من توليدها بالانفجارات الذرية الخطرة.
للعلم فإن المفاعلات النووية في مرحلة الإلغاء في العالم المتقدم الذي يحترم البشر والبيئة ، ولكن بناء مفاعلات جديدة مستمر في البلدان المتخلفة التي لا تقيم وزنأً للإنسان أو البيئة.