د. فهد الفانك يكتب : جرائم مطبوعات انتقائية
يتم تطبيق المادة 118 من قانون العقوبات على الصحفيين بشـكل انتقائي ، وهي تجرّم من ينشر مادة تسيء إلى دولة عربية أو أجنبية ، وبالتالي تسيء إلى علاقات الأردن ومصالحه المشتركة.
معنى ذلك أن كل صحفي ينتقد دولة أجنبية أو نظاماً عربياً يمكن توقيفه ومحاكمته بتهمة الإساءة إلى مصالح الأردن.
لكن الصحافة الأردنية طافحة بالنقد الذي قد يصل أحيانأً إلى حد التجريح بحق دول غربية حليفة أو دول عربية شقيقة ، ولكن مراقب المطبوعات يغض النظر ، إلا في بعض الحالات المحدودة عندما يكون رأس الصحفي مطلوباً لأسباب أخرى!.
الإساءة كلمة محملة بالمعاني السلبية ، ونستطيع ان نسميها نقدأً او تعبيراً عن الرأي ، الأمر الذي كفله الدستور ولم يستثن نقد سياسات دول عربية وأجنبية شقيقة أو صديقة.
لا يميز النص القانوني بين أن تكون الإساءة المزعومة مستندة إلى حقيقة أم أكذوبة ، وعلى كل كال فإن من حق الجهة المتضررة أن تشكو بتهمة الذم والقذف ونشر الأكاذيب ، وليس من واجب دائرة المطبوعات والنشر أن تتولى المهمة.
اعتبار مقال معين او خبر ، سواء كان صحيحأً او غير صحيح بمثابة إساءة لمصالح الأردن وعلاقاته مع الدول الأخرى يعتمد على افتراض خاطئ بأن ما تنشره الصحافة الأردنية يمثل سياسة الحكومة الأردنية ، ولذلك يمكن أن ترد الجهة المستهدفة بإجراءات معادية للحكومة الأردنية ، وكأن جميع الصحفيين ليسوا أكثر من ناطقين باسم الحكومة ويعملون وفق أوامرها وتوجيهاتها ، مع أن دفاع الحكومة يجب أن يكون: الصحافة حرة ، والصحفي يعبـّر عن رأيه وليس عن رأي الحكومة.
لا توجد حسب علمي حالة واحدة أدى فيها مقال معين إلى إساءة العلاقات الأردنية مع الدولة المعنية. وفي أكثر الحالات فإن الدولة المساء إليها لم تأخذ علمأً بالنشر إلا بسبب تحويل الموضوع إلى قضية وتوقيف الكاتب ومحاكمته.
انتقادات واتهامات وتحريض ضد دول عديدة في مقدمتها أميركا وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا ، فضلاً عن الدول العربية. والأردن في مقدمة البلدان التي تتعرض للإساءة من وسائل إعلام عربية معروفة ، فهل يجوز لمراقب المطبوعات أن يقاضي كل من يكتب في الصحافة. وهو يالتأكيد يقرأ ما يكتب في صحافتنا من تحريض على سوريا ومصر ، ولكنه لا يحرك المادة 118 من قانون العقوبات.
مراقب المطبوعات ليس مدعياً عامأً باسم دول العالم التي نكتب عنها إيجاباً وسلباً