رسائل الملك.. دلالة التوقيت

هدوء عاصفة توجيه ضربة عسكرية لسوريا بعد التوصل إلى اتفاق ‏مع الولايات المتحدة حول تفكيك الترسانة الكيميائية، يثير تساؤلات ‏عن رؤية أصحاب القرار في البلاد في المرحلة الحالية، وإذا ما كان ‏الوقت مناسبا لإعادة ترتيب البيت الداخلي.‏
الشأن السوري كحال المصري، وحتى أوضاع الإقليم بشكل عام ‏شغلت العقول لأسابيع على مستوى النخب أو العموم، وبخاصة أن ‏مسيرة الإصلاح كانت على علاقة وثيقة بمقدار التحولات، وقياس ‏انعكاساتها على الوضع الداخلي.‏
‏ قبل اسابيع أيضا أشيع وبشكل متعمد على شكل تسريبات أن الملك ‏عبد الله الثاني ينوي اتخاذ قرارات مهمة ومحورية، تتعلق بتنظم ‏الوضع داخليا حتى لو كان الثمن الاطاحة بشخصيات من عيار ثقيل، ‏أو تغيير مسار الدفة؛ لإحداث توازن يخدم العملية السياسية.‏
لكن سرعان ما خبت تلك الشائعات بعد التحول الكبير على الصعيد ‏المصري؛ بفعل الانقلاب على الشرعية، وارتفاع وتيرة التصعيد تُجاه ‏دمشق، لكن ارتدادات كل منهما شكلت حالة ترقب في الداخل، ‏لدرجة ملاحظة وجود فراغ سياسي ينتظر خطوة جديدة.‏
الملك من الصين يقول في مقابلة مع وكالة أنباء شينخوا إن "الأردن ‏لا ينتهج الإقصاء تجاه أي تيار أو حركة سياسية، نحن من دعاة نهج ‏الانفتاح والحوار، وإدماج الجميع في العمل ‏السياسي"، في معرض ‏رده على سؤال يتعلق بالحركة الاسلامية، لكنه لم يتوقف عند ذلك، ‏بل تحدث عن الاطراف كافة.‏
حديث الملك في هذا التوقيت بشكل تفصيلي وليس بالعموم رسالة ‏واضحة بأن هنالك رؤية تتوافق والوضع الداخلي، يمكن أن تفضي إلى ‏خطوات جديدة في مسيرة الاصلاح، تبدأ من قانون انتخاب، ولا ‏تنتهي عند حوار صريح مع القوى السياسية.‏
ما يفتح الباب على تلك الخطوة هو السيناريوهات التي تخيلها الجميع ‏في حال امتدت ارتدادات أحداث مصر إلى الاردن، أو تداعيات شن ‏هجوم عسكري على سوريا، حتى جاءت اللحظة التي أعطت الكل ‏فرصة لتنهيدة حتى لو كانت لفترة محدودة.‏
كذلك الحال فيما يتعلق بالأحداث الأخيرة التي شهدها مجلس النواب، ‏وممارسات البعض التي شكلت رأياً عاماً رسخ المفاهيم السابقة في ما ‏قبل الانتخابات؛ بأن هؤلاء النواب لا يمثلون إلا أنفسهم، مع وجود ‏حملة واضحة لتشجيع صاحب القرار على حل المجلس، أو فض الدورة ‏واجراءات أخرى، تمهيدا لخارطة طريق جديدة.‏
يمكن أن تكون تلك الافكار تأتي في سياق التحليل فقط، وأن الوضع ‏الداخلي الحالي ينظر اليه على اعتبار أنه "برنجي"؛ بسبب خبو ‏الحراكات في الشارع، أو عدم وجود منغصات تقض مضاجع ‏المسؤولين، إلا أن اغفال المعطيات، وتحديدا على المستوى ‏الاقتصادي يمكن أن يتحول إلى مفاجأة، قد لا تمنح نفس الفرصة ‏الحالية للسير بإصلاح حقيقي.‏