خطو فاصلة

كان الأمريكان بحكم غبائهم السياسي يتوهمون.. بأن المعارضين المصريين سوف يصفقون لهم ويهللون.. عندما طالبوا الرئيس مبارك بالتنحي فوراً.. فإذا بمصر كلها تندد بموقفهم وتؤكد من جديد علي عدم المساس بإرادة شعبها.. رافضة التدخل في شئونها الداخلية من قريب.. أو من بعيد..!
***
.. وعندما أعلنوا في واشنطن بأن لجنة الشئون الخارجية بالكونجرس.. أصدرت مشروع قرار.. يحدد خطوات المرحلة القادمة في مصر.. بلغت الغضبة الشعبية أقصي مداها.. حيث لا يقبل كائن من كان.. أن تعامل مصر علي أنها إحدي الولايات الأمريكية.. فبأي حق إذن يقدمون علي مثل ما أقدموا.. وأي أخلاق تلك التي دعتهم إلي تغيير مواقفهم بين عشية وضحاها..؟؟
***
طبعاً.. من يقرأ التاريخ جيداً.. لابد وأن يعلم.. أن تلك سياسة الأمريكان منذ أن ظهروا علي خريطة العالم.. فهم لا يهتمون إلا بما يحقق مصالحهم فقط.. وعادة لا ينظرون للأمور إلا من زاوية واحدة ضيقة.. ولعل تلك من أسباب فشلهم سواء أكان يحكمهم الديمقراطيون.. أم الجمهوريون.. فكلهم في الهم شرق..!!
وأنا لن أضيف جديداً.. إذا ما سردت تجربة جميع شعوب العالم معهم بلا استثناء.. سواء في إيران. أو روسيا. أو ساحل العاج. أو تونس. أو المملكة السعودية. أو حتي أحلف حلفائهم مثل فرنسا. وبريطانيا.. وهنا لابد أن أذكركم بما فعله الرئيس السابق جورج بوش مع الرئيس الفرنسي السابق أيضا جاك شيراك عندما رفض الانصياع لامرته فيما أسماها الحرب ضد الإرهاب..!
ثم.. ثم.. هل نسينا في مصر.. حكاية طائرتنا "البوينج 767" التي أرادوا أيامها تحميلنا مسئولية سقوطها عقب اقلاعها مباشرة من مطار نيويورك.. مدعين تارة أن قائدها هو الذي "هوي" بها في قاع المحيط.. وزاعمين تارة أخري بأن أعضاء الطاقم لم يستطيعوا السيطرة عليها لسبب أو لآخر.. ولولا أن القاهرة أصرت علي دحض كل تلك الأكاذيب.. لاختلف الأمر.. كثيراً.. كثيراً..!
***
ولقد كتبت مراراً. وتكراراً.. محذراً من مقولة بأن ما يربط مصر بأمريكا.. علاقات استراتيجية.. يتعذر انفصالها.. فالشواهد لم تكن توحي أبداً بذلك.. بل كم من مرات عديدة بدا فيها "سوء النوايا".. صارخاً.. ومستفزاً..!
مثلاً.. أي "علاقة استراتيجية" تلك.. بينما لا يكفون عن معايرتنا.. بالمعونة التي يقدمونها لنا كل عام.. مهددين بإيقافها.. أو تجميدها كلما أرادوا فرض أنفسهم علينا.. ثم نقابل نحن محاولاتهم المتكررة.. بالرفض البات والقاطع..؟؟
وكيف تنمو أي علاقة من أي نوع في حين أن أصابعهم الخبيثة تلعب في دول الجوار بما يهدد أمننا القومي.. وعندما كنا نعيب عليهم سلوكياتهم وتصرفاتهم.. سرعان ما يبدون من حلو اللسان.. طلاوة.. ثم يروغون منا.. مثلما تروغ الثعالب..!
نعم.. وألف نعم.. إنهم ثعالب.. وبالتالي لا ينبغي أبدا.. أن نأمن جانبهم.. بل لابد أن ندرك جيداً.. استحالة إقامة جسور قوية وصادقة معنا.. طالما توجد "دويلة مدللة.." تقع علي خطوط التماس اسمها إسرائيل..!
***
في النهاية تبقي كلمة:
قطعا.. سوف يقع الأمريكان.. في نفس الأخطاء.. عندما يبادرون بإعلان تأييدهم لأي حكم جديد قادم في مصر.. لسبب بسيط.. أنه بصرف النظر عن نوعية هذا الحكم.. أو هويته.. أو مذهبه.. أو ملته.. فلن يقبل "مواطن مصري" واحد.. علي أن يلقي بنفسه في "عباءة" قوم يعرف كم هم كاذبون.. و.. "وغائبون"..!!