لماذا يتسلّح نوابنا ؟



لماذا يتسلح نوابنا؟ وهم ذاتهم الذين تعالت حناجر أصواتهم على منصات مهرجاناتهم الجماهيرية، وهم يتغنّون بأننا بلد الأمن، والآمان، متوعدين الخارجين عن القانون بالعقاب، وبخاصة الذين يعكّرون صفو الحياة المجتمعية، ويكدّرون من عمل المؤسسات الحكومية، كالعنف المجتمعي، والتسلح غير المشروع.
في صبيحة هذا اليوم عاش أبناء الوطن مع فيلماً بوليسياً أشبه ما يكون بأفلام "الكابوي" المكسيكي، التي يمارس فيها الممثلون شتى الألعاب الحربية، بينما يغادر أحدهم القاعة على عجل وكأنه يمتطي جواداً أصيلاً، وسرعان ما يعود بسرعة تفوق سرعة الضوء مقتحماً الأبواب، ومتحديا الموانع الأمنية، والأسلاك الحديدية، ليطلق العنان لسلاحه القتالي ليختار ما يختار من أهدافه الإستراتيجية، ليطفئ الثورة البركانية المكبوتة بداخله جراء فعل ما.
ربما أراد المخرج أن يترك للمشاهد أن يعيش حالة من الذهول، والحيرة حول مصير الرصاصة الأولى، وهل أصابت هدفها المنشود ؟ أم أنها اختارت أن تبقى في العلياء، ليستقي السياسيون أخطاء قوانينهم الهزيلة التي ولّدت الإحباط، واليأس لدى جموع الشعب الذي بقوا خارج الدائرة التشريعية، أو أن أنهم بقوا شهداء على انتخابات أشبه ما تكون وهمية، لأنها بنيت على أسس خاطئة بعيداً كل البعد عن العدالة، أو أنها جاءت جوائز ترضية لنخب بعينها.
تمنيت أن تكون أسلحة نوابنا أسلحة تشريعية تحصن الشعب من القوانين المجحفة والتي طالت جيبه المتهالك من السياسات الجائرة، والتي ما زال أبطالها طلقاء اليد يمارسون هواياتهم في السلب والنهب، لا بل يشكّلون تيارات عكسية تحارب أي مبادرات إصلاحية قد تقودهم إلى مهاجع السجون الخالية من مستحقيها.
أضاع مجلسنا النيابي أكثر من منتصف عام، أو يزيد وهو يعيش مرحلة ترفيهية قضاها في السفر، أو البحث عن مغانم دنيوية، كجوازات السفر الحمراء، أو سائقين بلباس عسكري يطفي عليهم اللمسة المخملية، والحياة الوردية.
ولأننا شعب طيب لا نهوى المنازعات طويلة الأمد بين الأشقاء، سرعان ما يتدخل أهل الصلح ، أو ما يعرف بالجاهة، فتقوم بترميم الجرح الذي نزف بين الأحبة، بدون أن تكون هناك وقفة جادة في معالجة تلك السلوكيات الخاطئة والتي ستؤثر على النشء.