"حينما لا يقرأ الكتاب من عنوانه"

التعليم الجامعي والتحديات التي تواجهه تأليف د. غالب الفريجات تقديم: د. هشام غصيب صدر عن دار أزمنة للنشر والتوزيع وبدعم من وزارة الثقافة مؤلف جديد للدكتور غالب عبد المعطي فريجات يتناول فيه مسيرة التعليم الجامعي ويستبصر فيه التحديات التي تواجهه.

ولكن طالما استوقفتني فصول هذا الكتاب المتنوعة بتنوع ثقافة مؤلفه، ذلك التنوع الذي يجمع بين حس المؤلف التربوي، وحسه السياسي وهما العزيزان حينما يلتقيان، غزارة الفكر ومرارة التجربة. كثيرة هي الكتب التي عنونت للتعليم العالي ومسيرته عبر الزمن ولكن عزيزة هي الكتب التي تعصر من وحي التجربة مرارة الواقع وأزمة المستقبل فهذا ما دعاني إلى اختيار عنواني هذا " حينما لا يقرأ الكتاب من عنوانه".

وقلة هم الباحثون والمؤلفون الذين يحملون هم الأمة العربية في زمن التشظي في كتاباتهم، ويستشعرون رهبة التكالب الامبيريالي على الأمة ويخافون على هويتها ويرون أن حصنهم الحصين وسسيفهم القويم هو مشاعل النور والتقدم والحضارة "الجامعات منابر التحرر والتقدم والخلاص".هؤلاء المؤلفون ومنهم مؤلف هذا الكتاب ما كفت حناجرهم وما نأت مطالبهم عن تحرير الجامعات من ربقة الاسر ومذلة التبعية للأنظمة السياسية لتكون ملهمة المنطلقين نحو فضاءات الأمة الرحبة، لمستقبل افضل.

ضم هذا الكتاب في جنباته فصولاً سبعة: هي التعليم الجامعي من ملامح الواقع إلى المستقبل، والتعليم الجامعي والتحديات التي تواجهه، وعلى طريق النهوض بالتعليم الجامعي، واتجاهات التعليم الجامعي وتطويره، والحرية الأكاديمية والتعليم الجامعي، ولغتنا العربية والتعليم الجامعي، واخيراً مخرجات التعليم ومواءمتها لسوق العمل.

وإن المتتبع الحصيف لمضمون فصول هذا الكتاب يلمح في ثناياها طرحاً استثنائياً لكثير من المشكلات والحلول التي يعاني منها نظام التعليم الجامعي العربي والأردني على وجه الخصوص اضافة إلى المكينزمات الناقلة والبوصلات الهادية إلى الخروج من خطر أزمة الواقع إلى بر الأمان وضفة السلام.

ومع أهمية كل ما تناوله المؤلف في ميدان التعليم الجامعي وما امتاز به من صراحة وشفافية في العرض الا أن مؤلفه يحمل قيماً مضافة في هذا الميدان من أهمها وأبرزها: أن عرض معطيات الواقع استندت إلى الإحصاء الدقيق، والمنهج العلمي المتقن، وطرح الاشكاليات طرحاً صريحاً وواضحاً، وتدعيم ذلك بالسند العلمي الدقيق، والوقوف على مكامن صيرورة المعضلات وتشكلها، وولوج موضوع الحرية الأكاديمية من أوسع ابوابها، وتقديم الرؤى المستبصرة والمنطقية والواقعية، ولم يكتف المؤلف بالوقوف على المشكلات، وفضحها بل كان ملتزماً بتقديم الحلول لها.

لما تقدم فإنني ادعو جمهرة المهتمين ومتخذي القرار في ميدان التعليم الجامعي إلى الاتكاء على مضامين مثل هذا الكتاب في توجيه خططهم المستقبلية، لأنه علامة فارقة على طريق البحث في هذا الميدان، وأن لا يقرأ الكتاب من عنوانه لأن مضمونه فيه فردانية واختلاف.شاكراً ومثمناً للمؤلف هذا الجهد القيم.

د. عايد أحمد الخوالدة
جامعة مؤتة كلية العلوم التربوية