ضرب سوريا محاولة لتحطيم فكرة التحرر العربي الجديدة


خرجت الثورة في سوريا عن إرادة الثوار، وأصبحت مرتعا للتآمر فثلاث سنوات وقادة الفكر السياسي الغربي يدبرون الأمر ولا يعنيهم الشعب السوري أو بشار شيئا، فمصالح بلادهم مقدمة على مصالح عملائهم، ومنذ صحونا وسيوف الاحتلال الغربي مصلتة على رقابنا ما خفي منها وما ظهر مقاومة للمشروع الحضاري للامة، إن الغرب يخشى من صحوة المنطقة فالصراع بين الحضارات قائم في عقولهم ما انتهى ولا يرونه إلا صراعا دمويا استعباديا، فلا مكان للغة السلام والتعاون عندهم وإن أظهروا ناعم الملمس، وبكاء التماسيح.
وما يؤرق الغرب اليوم هو اتساع الخرق على الراتق بين اتباعهم من الحكام الذين أمّنوا النفوذ الغربي في المنطقة ردحا من الزمن وبين الشعوب المستعبدة التي بدأت تسلك سبل الخلاص والانعتاق، وأهم من ذلك سوء صورة الغرب لدى الشعوب العربية مما ينذر بالمواجهة، فأخذ الغرب يكيد بنا من جديد ويستغل ثوراتنا ويفشلها على وقع التآمر والطمع والجهل قبلا.
ويتوهم البعض أن امريكيا ومن دار في فلكها سينصرون شعب سوريا على جزارها الذي عينته فرنسا حليفة بلفور ، وإنما يسقطون عميلا ليأتوا بآخر، وما ستقوم به امريكيا من ضرب لسوريا ليس إلا محاولة جديدة لتكريس ما كان من تمزق وقطع للطريق على النهوض والوحدة بالدمار النفسي والمادي، فضرب سوريا ليس ضربا لبشار واعوانه وإنما تدمير لبنية سوريا الدولة وتيئيس للنفوس من جدوى الثورة، فبنية الدولة وإن كانت ملك يمين لعائلة الاسد، وقوتها قوة لتلك العائلة فقط كبقية العائلات العربية الحاكمة، فهي تستخدم القوة لقتل شعوبها كصقر أم قيس - وحتى لا تؤول هذه القوة الى الثوار الذين لا يأمن الغرب جانبهم حتى تاريخه، فإن الغرب بقيادة امريكيا سيدمر بنية الدولة السورية، فسقوط نظام بشار لا يحتاج صواريخ كروز وكل هذه المدمرات في البحر فقليل من السلاح النوعي للثوار ينهي الموقف، ولكن الهدف الأول من الضرب هو ضرب البنية النفسية للشعوب الثاثرة، ضرب لفكرة التحرر عندها، وخلق واقع جديد اسوأ مما كان، كإعادة تقسيم سوريا والمنطقة الى دويلات طائفية عرقية لا تقوى على النهوض مما يوجب الترحم على الوضع السابق وقد بدت نذره؛ فابن علي ومبارك والقذافي صاروا في أعين اليسار المتطرف رموزا للصمود ومثالا للديمقراطية ووحدة الامة بعد أن كانوا عملاء وشرا على وجود وبقاء الأمة العربية، إن ما بعد بشار في ضوء المعطيات الفكرية الجديدة خطر ديمقراطي على من فقد الأمل في كرسي الحكم ومن يناصب الفكر التحرري الجديد العداء وخطر على اسرائيل، ومن هنا نجد تناغم الانظمة العربية مع اسرائيل في معاداة حركات التحرر ومن هنا نرى الغرب يحاول القضاء على روح التحرر العربي بالتآمر مع من فقد الأمل في الوصول والسيطرة ومثالهم اليسارالمتطرف والفلول في مصر لضمان بقاء اسرائيل الحليف الاستراتيجي للغرب في المنطقة بعد ان بدأت العائلات الحاكمة تفشل في تحقيق أمن اسرائيل وضمان مصالح الغرب
فضرب سوريا لا يقصد منه بشار فقوته التي يهدد بها العالم لم تحرر الجولان ولم توقف القصف الصهيوني على دمشق واظنها قوة وهمية صنعها الإعلام الغربي كما صنع قوة العراق النووية.
وإن كان من قوة يخشاها الغرب في سوريا والمنطقة فهي صحوة الشعب العربي وخروجه عن صمته بعد انكشاف زيف الحكام في الممانعة والصمود، وسيسعى الغرب جاهدا لاستمرار سيطرته على المنطقة بتدمير القوى التحررية الصاعدة معنويا وماديا، ولن يكرر غلطته في ليبيا.
إن القوة الحقيقة للشعوب هي الفكر والوعي والإرادة والإخلاص ... وهذه هي المواقع التي ينوي الغرب قصفها في سوريا والمنطقة.
الدكتور محمود الهواوشه